في مناسبة احياء ذكرى وفاة علي الحمامّي وصحبه في 12 ديسمبر1949
محمد الناصر النفزاوي

 

 

فكرة تبعيّة بلاد المغرب عند علي الحمّامي

 

 

طمست وطنيّات بلاد المغرب  جزءا أساسيّا مما يقوم عليه تفكير علي الحمّامي ذلك أنّ بلاد المغرب ، في نظره ، وحدة تقابلها وحدة المخطّط الاستعماري الفرنسي خاصة سواء في تونس أوالجزائر أو المغرب الأقصى في تبنّ منه غير مشروط للمشروع الخطّابي التحرّري.

 

هذا الايمان بوحدة بلاد المغرب هو الذي يفسّرانتقال بطل رواية ادريس من موطن الى آخر في بلاد المغرب وكذلك التعرض لعدد من المناضلين ضدّ الاستعمار في مختلف هذه البلدان.

 

كما أنّ الأيمان بوحدة المخطّط الاستعماري الفرنسي وحده هو الذي سيفسّر ، ولكن بعد موت علي الحمّامي  في ديسمبر  1949، لجوء الاستعمار الفرنسي ، بعد أن تنامت الحركات التحرّرية التي شجّعتها الولايات المتحدة المعارضة لنمط الاستعمار الفرنسي في تلك الفترة  ، الى منح المراكشيين والتونسيين الاستقلال بشروط اذ القضيّة الأمّ بالنسبة الى فرنسا بمختلف حكوماتها هي  .. الجزائر بمساحتها الشاسعة وثرواتها.

 

لقد تفطّن علي الحمّامي أبعاد قضيّة التبعيّة فاذا هي ذات وجوه عديدة بدليل أن ما يعدّ اليوم بلدانا مستقلة عجزت زمن الاستقلال عن اقامة دولة وطنية حقيقيّة في كلّ واحد منها استنادا الى مفهوم الخصوصية الذي لا يعدو أن يكون كذبة  استعمارية في  الأصل وظفتها في ما بعد البورجوازيات الوطنيّة لاحكام سيطرتها على الشعوب المغربيّة شعبا شعبا

 واكتفت بأن تحلّ محلّ المستعمر القديم حكامها الجدد الذين يتكالبون على نهب بلدانهم ويهرّبون ما طالت أيديهم الى كلّ مكّة في بلاد الغرب وأمريكا الذين نذر علي الحمّامي نفسه للتحذير منهما.

 

علي الحمّامي مفكّرمتنبّئ بمستقبل الحركات الاستقلاليّة الفاشل في الجزء الأكبر منه لأنّه مستقبل انبني على المغالطة  التاريخيّة ولهذا السبب تِؤلّف  آلاف الكتب  في التغنّي بانجازات  كلّ بلد مغربيّ على حدة رغم أنّ كلّ هذه البلدان تكاد أن تكون في وضع الرهينة الاقتصادية والعلميّة للمستعمر القديم.

 

انّني لا أودّ أن أنهي هذه " المرثيّة  " المتأخرة لعلي الحمّامي من دون ما يشبه النكتة المرّة :

ـ تابعت قبل سنوات عديدة قبل طلاقي من الجزيرة القطريّة حصة شاهد على العصر خصّصت لمسؤول سياسي وفكري مغربيّ هوعبد الهادي بوطالب ان لم تخنّي الذاكرة. وعندما سأله معدّ الحصّة في معرض الحديث عن العلاقة بالغربيين أجاب = سنغزوهم بالعدد !

أترون الحلّ في ما ستتعرّض له بلاد المغرب  من أزمات بداية من ستّينات القرن العشرين عند هذا المفكّر السياسي وعند أمثاله ؟

انه الهجرة الى بلاد المستعمر القديم "لاستعماره"  !

 

حمّل : "ادريس . رواية شمال أفريقيّة " لعلي الحمّامي ، طبعة الهقار، من  www.zainab-an-nefzaouia.com/documents_pdf/idris.pdf