الطريق الجديد، 1988
قراءات في سطور المدينة، محمد الناصر النفزاوي

لهــــذا كـــشّــــــروا عن أنيــــابهــــــم  …

دوافع ردود فعل الجيوب الأكثر محافظة في الحزب الدستوري على بوادر التغيير التي أعلن عنها بيان خريف 1987 كثيرة ومتنوّعة الا أنّه من الممكن حصر عدد منها.
أوّلها المادي ـ الآجــرّي و والكنتولي :
فالعمل في ظلّ حزب حاكم في العالم السابع الذي نعيش يوفّر للبعض أحيانا ادخار عشرة قرون من المرتّبات الأصليّة في حين أن ممارسة المعارضة لا توفّر  لأصحابها غير الوجوه المصفرّة والنظر القصير وكوابيس السجن وتجويع العائلة.
وقد يمتحن الواحد في بعض الظروف فيتحوّل الى متسوّل.

ومن الدوافع ما هو " فكريّ " :

العمل في ظلّ حزب حاكم مطلق اليدين يمكن أن يحوّل العرجاء ثقافيّا الى جواد سباق في المحافل الرسميّة والدوليّة ويمكن أن يحوّل النطيحة الى كبش نطاح في الداخل والخارج.

ومن خبر معاني الكتابة في البلد عند بعض من تحاول أن تقرأ لهم فتحسّ أنّك تمضغ " خشبا " و " أقلوميري" فلن يعدم رؤية "بيانهم و تبيينهم " معلّقا في كلّ مربـــد ومربــض وعكــاظ يوشّيه الذهب المزيّف مما يعرض للبيع في شارع  ـ دي قول ـ في حين أن ممارسة الكتابة اللاامتثاليّة لا توفّر لأصحابها غير صفعة من هنا من أحد ' أبناء الدهاليز " ووصمة هناك مفادها " الترّ و أخوه ".
ومن الدوافع ما هو نفسيّ :
فالعمل في ظلّ حزب حاكم يمكن أن يوفّر لمن يخاف بعوضة حماية جيش ولمن يخاف الخلايا الاجتماعية المشوّهة وسطا يتوفّر على أياد خشنة ولكنها تصرّ على الانخراط في النعومة وأصواتا مزوديّة ولكنها تصرّ على الانتماء الى عالم "الحب والسحر والخيال ".

ومع ذلك يبقى السؤال دائما:
اذا كان كلّ واحد منّا يعرف أمثلة وأمثلة حيّة على ما ذكرنا فالى متى تبقى اللعبة القذرة متواصلة ؟
انها مجموع اشكاليّة مجتمع التسلّط وتغييب المؤسّسات الضامنة وحدها لأكبر قدر ممكن من العدل ولمنع ازدهار البعض على حساب ذبول البعض الآخر.