الطريق الجديد،1986
قراءات في سطور المدينة،محمد الناصر النفزاوي

مــخـــاض

يؤرخ شيوخ العرب لنهضتهم بداية من حملة نابليون على مصر
يجندون حاشيتهم الثقافية لتدوين حركات الاصلاح والتصليح
يعدون العامة والسوقة والرعاع والرعية بقرب الاقلاع الحضاري وبقرب الخلاص
يمرّ قرن وقرنان وطائرة الاقلاع جاثمة  على أرض مستنقع البلاد العربية
كذلك يجثم 70 في المائة من الأميين العرب المسلمين  على نسائهم وعاداتهم واحباطاتهم…

على الكل يجثم  الملوك والرؤساء والسلاطين بمملكاتهم وجمهورياتهم وسلطناتهم التابعة والمرهونة والمباعة

 

انهم ملوك الجزيرة قبل الاسلام
انهم ملوك الأندلس بعد الاسلام
كلهم قرؤوا ابن خلدون وحديثه عن العصبية والوازع
لذلك تراهم مسلمين يعلّمون الناس السباحة بعيدا عن البحر
لذلك تراهم عروبيين الى حدّ نصب الخيام في الكازينوهات المافيوزية
تطويقا للعدد
تطويقا للعامة والسوقة والرعاع  و الدهماء والرعية
ويتساءل الرعاع :
نهاية القرن العشرين على الأبواب
يموت الجيل تلو الجيل ولا جديد غير الهزيمة ؟
يكاد المرء أن ينكر أن تكون النهضة حدّ اليوم قد بدأت
قياسه اليابان
قياسه الاتحاد السوفياتي
قياسه كل كائن حيّ ان اعتمد مسارا صحيحا
يتساءل أيضا :
هل يمكن لنهضة غير مختلّة وراثيّا أن تقتصر على الحبو مدّة قرنين ؟
أيمكن لكذبة تاريخية أن تدوم  كل هذا الزمان لولا تواطؤ الأنظمة الاقطاعية ؟
يضطرّ الى السؤال في النهاية :
ألا تكون النهضة الحقيقية حديثة حداثة الحروب العربيةالاسرائيلية الخاسرة الرابحة ؟
هذه الحروب التي  خسرها النمط السلطوي العربي و ـ ربحها ـ  الانسان العربي
ربحها  احباطا مزمنا قاد الى الشك المؤكد والنسبية المعيار
ربحها فردا يرى أن كل بلد عربي فلسطين مغتصبة
ربحها فردا ملكه اقتناع أن لا شيء يضيع الا بطريق طعنة من الخلف
ربحها فردا أدخلته الهزيمة قسرا الى القرن العشرين
ان الشعوب الأفراد لا تزهر ولا تزدهر بغير قدوة حقيقية
ولقد كانت القدوة من قبل في طبقة أفرزها التخلف والاستعمار وايمان بنهضة ولدت في الحقيقة ميّتة
طبقة جرّبها الرعاع في الدعوة الفوقية الوحدوية
جرّبها الرعاع أكثر من اللازم في دورية الانقلابية العسكرية في البلاد العربية
لذلك حدث الاشباع وحدث التحول الكيفي
لذلك لم يعد في الامكان أن نشهد انقلابات عسكرية ـ تقدّمية ـ
لذلك لن يكون في الامكان في المستقبل أن نشهد منها الا ما يكون ـ موزيّا ـ أمريكيالاتينيا
لأن كل شيء تغير في ساحتنا
تحولت السلطة الى ما زوشية  نشوتها القصوى قبر نفسها
تحول الجيش الى دور وظيفي قريب  من امتدادات بورصة القيم المنقولة
تحولت المعارضة السياسية الى عقلانية تعادي الرمز و الأسطورة في حين أن لا شيء من دون الرمز والأسطورة
انفرد الرعاع بالرمز والأسطورة
تحوّل الى فلول مضغوطة وقنابل موقوتة
ولأن كل شيء قد تغير فسوف يكون المخاض عسيرا
في الجمهوريات وفي السلطنات على حدّ سواء لن يفرّق العصر بين الشعارات
انه عصرالقيادة المعكوسة
لأن ما يسمّيه البعض عجز المعارضة عن بلورة بديل انما هو عجز ناتج عن تحوّل البدائل جهوية أو قوميّة الى بدائل عالمية بعد أن تحولت الأنماط الحضارية المختلفة الى نمط حضاري واحد ذي متغيّرات.
ووالله ، تقول قارئة اليد السياسية ، لسوف يكون لبنان هذه المرّة أيضا وكما كان سباقا للنهضة بمصطلح الأدباء ومن شابههم  ، هو السابقة التي لن يشذّ عن مسارها في السنين القليلة القادمة أي كائن سياسي  عربي .