ﺷﺬرات ﻣـــــﻦ ﺣـــﯿﺎﺗــــــــــــﻲ

FRAGMENTS DE MA VIE

أو

ﺛﻼﺛﻮن ﺳﻨﺔ ﻣﻦ ﻋﻤﺮي

 

اﻻﻫﺪاء :

الى ابني الياس  الناصر النفزاوي

A mon fils llyes Naceur Nefzaoui

 

" من لم يكن مفكرا تنسيبيا معاديا  للاطلاق في كل شيء لا يدخل علينا "

" ما يبقى في الواد غير حجارو "

 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بيان " التياريين الاجتماعيين " في تونس وبلاد المغرب وصوتهم في الواب "المجتمع " .

 

أولا : قررنا في تونس التي نعتبرها  ولادة فكريا أن نساهم بقلمنا في بناء نمط من التفكير جديد يواكب المرحلة الانتقالية التي نعيش ولا أحد يعرف كم ستدوم.

القائمون  الأساسيون على هذا التيار هم أنا محمد الناصر النفزاوي " الشيخ " ومجموعة من الكهول الأقل سنا أمثال الأمجد البوعزيزي وحسين الذوادي وعبد الناصر الحنشي  وكلهم أساتذة يقولون بفكرة "التقدم" اما قليلا أو كثيرا لأنه ليس المطلوب منهم باعتبارهم كتلة فكرية سياسية لا حزبا أن يتوحدوا فكريا سياسيا وأن ينضبطوا انضباطا تاما لشروط الانتماء :

 

الأمجد البوعزيزي على سبيل المثال تبدو مواقفة أكثر جذرية من البقية لأن حسين الذوادي أميل الى  اطالة التأمل أما عبد الناصر الحنشي فهو أكثر تركيزا على المسائل النقابية وحقوق الانسان .

 

سبب اختياري الأعضاء هو مراعاة حقيقة الانتماء الجهوي في تونس لأن الأمجد البوعزيزي هو في الحقيقة صوت هذه الجهات المحرومة اقتصاديا مما قاد الى انتحار البوعزيزي أما حسين الذوادي وعبد الناصر الحنشي فهما بنزرتيان من أقصى الشمال التونسي البحري .

 

ثانيا : يستحيل  الحديث عن تيار فكري سياسي جدي اذا لم نحدد " مقوماته " أي عموده الفقري بوضوح أي ما يميزه عن أعمدة فقرية أخرى وأفضل وسيلة للتوضيح هي اعتماد الأمثلة التي تنفذ الى أغلبية الناس فتتمكن من الحكم له أو عليه

ولذلك كتبت " شذرات من  حياتي " Fragments de ma vie باعتبارها مثالا حيا على ملامح تفكير مؤسسي " التيارين المجتمعيين " لايماننا أنه سيكون له تأثير في مختلف بلاد المغرب التي تحتاج كلها الى تيار مشابه ينقذ مثقفيها من الغرق في هذه السفسطائيات  التي لا مستقبل جديا لها.

 

ثالثا : نحن لسنا فلاسفة وانما متفلسفون لأننا لا نخضع لنسق فلسفي محدد  ويمكن اعتبار نشاطنا الفكري ردة فعل اجتماعية سياسية على المآزق التي  قاد  أليها الفلاسفة الذين نلومهم جميعا على عجزهم  عن النفاذ الى حقيقة مجتمعات الفضاء المغربي .

 

رابعا : لكل تيار فكري سياسي يطمح الى الانتشار صوته الذي يعبر عنه.

صوتنا نحن هو في الانترنيت موقع " زينب النفزاوية " الذي تأسس سنة 2009 وما يزال مؤثرا في الأوساط المثقفة وهو  موقع شمال أفريقي يتخذ من محمد بن عبد الكريم الخطابي قدوة له وموقع فيسبوكي اسمه " المجتمع " وهو حديث النشأة ولكن نلاحظ تزايدا في  الاقبال عليه .

 

تقديم " شذرات من حياتي "

 

1.تعودت ﻣﻨﺬ ﺗﻜﻮﯾﻨﻲ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﻤﻜﺘﺒﺎت ﻓﻲ ﺳﺘﯿﻨﺎت اﻟﻘﺮن اﻟﻌﺸﺮﯾﻦ وﺗﺨﺼﺼﻲ ﻓﻲ اﻟﻔﻬﺮﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻜﺘﺒﺔ اﻟﻮﻃﻨﯿﺔ اﻟﺘﻮﻧﺴﯿﺔ ﻋﻠﻰ اﻻ أﻛﺘﺐ ﺷﯿﺌﺎ اﻻ ﻋﻦ ﺗﺨﻄﯿﻂ ﺻﺎرم ﻗﺪر اﻻﻣﻜﺎن  . وأﻧﺎ ﻣﺎ زﻟﺖ رﻏﻢ ﺑﻠﻮﻏﻲ اﻟﺤﺎدﯾﺔ واﻟﺴﺒﻌﯿﻦ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺮ أﺳﯿﺮ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﻬﺞ ﻧﻔﺴﻪ اذ " اﻟﻌﺎدة ﻃﺒﯿﻌﺔ ﺛﺎﻧﯿﺔ " ﻓﻲ الانسان .

 

هذه اﻟﺸﺬرات ﻣﻦ ﺣﯿﺎﺗﻲ اﻟﺘﻲ ﻗﺪ ﺗﻬﻢ ﻋﺪدا ﻣﻦ اﻟﻘﺮاء ﻻ ﯾﺠﺐ أن ﯾﺘﺠﺎوز ﻋﺪد ﺻﻔﺤﺎﺗﻬﺎ الخمسين لأن عامة الناس ﻟﻢ تعد  تقرأ  ترجمة ذاتية طويلة .

 

2 .أﻋﺘﺒﺮ أن ﻫﺬه اﻟﺸﺬرات ﺗﺨﺘﻠﻒ اﺧﺘﻼﻓﺎ ﺣﺎﺳﻤﺎ ﻋﻦ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻗﺮأﺗﻢ ﻣﻦ ﺳﯿﺮ ذاﺗﯿﺔ ﻓﻲ ﻓﻀﺎﺋﻨﺎ المغربي  الذي يعد  حاليا 100 مليون ساكن  والذي لا أهتم بغيره اذ أن ﺷﺎﻏﻠﻬﺎ اﻷول واﻷﺧﯿﺮ ﻫﻮ اﻟﺼﺪق ﻗﺪر اﻻﻣﻜﺎن وﻣﺤﻚ ﻫﺬا اﻟﺼﺪق ﻫﻮ اﻟﺘﻄﺎﺑﻖ ﺑﯿﻦ اﻟﻘﻮل واﻟﻤﻤﺎرﺳﺔ ﺳﻮاء ﻓﻲ ﻣﺎ ﯾﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﺤﯿﺎة اﻟﻌﺎﻣﺔ او ﺑﺎﻟﺤﯿﺎة الخاصة وأنا شخصيا ﻟﻢ أﻗﺮأ ﺳﯿﺮة واﺣﺪة وﻓﺖ ﺑﺎﻟﺸﺮﻃﯿﻦ .

 

  1. ما دفعني الى كتابة هذه الشذرات هو أنني قصدت قطع الطريق أمام كل من "ﺳﯿﺘﻄﻮع " ﻟﻠﺤﺪﯾﺚ ﻋﻨﻲ وﻫﻮ لا يعرفني حقا فلقد تحدث أحدهم عني فقال انني من بين من تسلموا احدى الجوائز الأدبية من ...قطر !

 

 

4 .ﻋﺪد ﻣﻤﻦ ﻻ ﯾﻌﺮﻓﻮﻧﻨﻲ ﯾﺼﻔﻮﻧﻨﻲ ﺑﺄﻧﻨﻲ " ﻣﻠﺤﺪ" ﻋﻮض أن يصفوني بأنني على اﻷﻛﺜﺮ " ﻻ أدري " ﺑﻤﻌﻨﻲ أﻧﻨﻲ ﺳﺄﺑﻘﻰ اﻟﻰ ﻣﻤﺎﺗﻲ ﻣﺘﺴﺎﺋﻼ ﻋﻦ ﻣﺼﯿﺮ اﻻﻧﺴﺎن ﺧﺎرج اﻟﺸﺮاﺋﻊ اﻟﻤﻌﺮوﻓﺔ اﻟﺘﻲأﺗﻬﻤﻬﺎ ﺑﺎﻟﻘﺼﻮر ﻓﻲ ﻓﻬﻢ ﻣﺤﺮك اﻟﻜﻮن اﻷول  أي الله ذلك أﻧﻨﻲ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺠﻤﺎل آﺧﺬ ﺑﺘﻔﻜﯿﺮ اﺑﻦ رﺷﺪ و...ارﻧﺴﺖ رﯾﻨﺎن : اﻟﻤﺤﺮك اﻷول ﻫﻮ ﺻﺎﻧﻊ ﺳﺎﻋﺔ ﺑﺪﯾﻌﺔ اﻛﺘﻔﻲ ﺑﺼﻨﻌﻬﺎ ﺛﻢ ﻛﻒ ﯾﺪه ﻋﻨﻬﺎ ﻓﻌﻠﻰ ﻣﻦ ﯾﺪﻋﻮن ﺗﻤﺜﯿﻠﻪ ﻓﻲ الأرض أن ﯾﺜﺒﺘﻮا ﻗﺪرﺗﻬﻢ ﻋﻠﻰﺗﺸﻐﯿﻠﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﻻ ﺗﺘﻌﻄﻞ . فاذا كان ﻫﺬا ﻫﻮ اﻻﻟﺤﺎد ﻓﺄﻧﺎ ، اذا ، ﻣﻠﺤﺪ ! 

 

5.ﻣﺎ ﺳﺘﻘﺮؤون ﻓﻲ اﻟﺸﺬرات  هو ﻋﻤﻠﯿﺔ ﺗﺤﻄﯿﻢ أﺻﻨﺎم ﺣﻘﯿﻘﯿﺔ لأنني ﺗﻌﺮﺿﺖ ﻷﺻﻨﺎم ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ ﺗﺨﺮج ﻋﻠﯿﻬﺎ آﻻف ﻣﺆﻟﻔﺔ ﻣﻦ اﻟﻄﻠﺒﺔ واﻟﺠﺎﻣﻌﯿﯿﻦ ﻣﻤﻦ ﯾﻌﺪون أﻧﻔﺴﻬﻢ          ﻣﻤﺜﻠﯿﻦ ﻟﻤﺎ ﯾﺴﻤﻰ ﺑﺎﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺘﻮﻧﺴﯿﺔ وأﻏﻠﺒﻬﻢ ﻣﻦ ﺧﺮﯾﺠﻲ ﻗﺴﻢ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ وأﻧﺎ أﻋﺮف ردود ﻓﻌﻠﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻛﺘﺒﺖ ﻓﺄﻧﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﺆﻣﻨﯿﻦ ﺑﺒﻼﻏﺔ اﻟﻘﻮﻟﺔ اﻟﺸﻤﺎل أﻓﺮﯾﻘﯿﺔ "ﻣﺎ ﯾﺒﻘﻰ ﻓﻲ اﻟﻮاد ﻛﺎن ﺣﺠﺎره" وأنا لست أكثر من حجر في الوادي سيجرفني  التيار جسدا  ولكنه لن يجرفني تفكيرا فكريا سياسيا وهذا هو معنى البقاء أو "الخلود" في فهمي.لكم كرهت كلمة "العبقرية" بسبب اشتقاقها الخرافي سواء عندنا أو في الفرنسية لأنه لا يوجد " عبقري " في كل بلاد الأرض ولكن يوجد موهوبون سمحت حضارة بلدانهم بان يجسدوا قدراتهم العقلية فأفادوا الانسانية .

 

  1. لقد أكثرت في كتاباتي من ذكر " ما فيش قطوس يصطاد لربي " فأي "قط" أنا وما هو صيدي ؟ وأي غرض أخدم ؟

أنا عميل لشعوب بلاد المغرب بغض النظر عن تخلفها  الحالي الفظيع لأنني أقول بفكرة "التقدم" والتقدم مسألة حضارية لا يمكن الحديث عنها انطلاقا من الظرف الراهن ولكن  انطلاقا من الزمن المتوسط والبعيد .

 

7.على من يود أن ينفذ الى تفكيري  أن يفهم أنني استقرائي المنهج  كثير الحذر من الاستنتاج المتسرع مما ولد في نزعة مقت كل انتاج فكري سياسي لا ينطلق من الواقع للتنظير.

 

  1. أﻧﺎ ﻟﻢ أﺗﺠﺎوزﻓﻲ كل ﻣﺎ ﻛﺘﺒﺖ وﺿﻊ ﻣﺜﻘﻒ ﺗﻮﻧﺴﻲ رﻓﺾ أن يكون " شاهد ما شاف حاجة " .

 

  1. كتبت هذه الشذرات وأنا في الحادية واﻟﺴﺒﻌﯿﻦ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺮ أي في هذه الفترة التي يرصن  الانسان فيها  في كل بلاد الأرض لا بدافع شخصي ولكن لأن الطبيعة تفرض ذلك . وفترة  الثلاثين من عمري التي غطيتها كانت فترة "الصخب والعنف"  عند كل البشر  من دون استثناء  بما في  ذلك الصخب الجنسي لذلك يحرص من يكتبون  سيرهم الذاتية وخاصة النساء منهم ، وأنا أسطر كلمة النساء ، على تلافي الحديث عنها لأنها فترة " الرمال المتحركة " في حيواتهم وخاصة ما يتعلق بحيواتهم الجنسية لأنهم سيصبحون  ساسة ومحامين وقضاة وجامعيين ...أما أنا فمقاييسي مختلفة ولذلك شذذت عنهم  بالمعنى النبيل  لكلمة الشذوذ . ولذلك ألتزم ﻓﻲ هذه  الشذرات بألا  أﻛﺘﺐ اﻻ ﻣﺎ ﻫﻮ صادق اﯾﻤﺎﻧﺎ ﻣﻨﻲ ﺑﻀﺮورة ﺗﺤﻘﯿﻖ اﻟﺘﻌﺎدﻟﯿﺔ ﺑﯿﻦ اﻟﻘﻮل واﻟﻤﻤﺎرﺳﺔ ﻗﺪراﻟﻤﺴﺘﻄﺎع لايماني بالصراحة الأخلاقية  التي أﻋﺪها اﻷﺳﺎس ﻓﻲ ﻛﻞ ﺑﻨﺎء ﻣﺠﺘﻤﻌﻲ ﺳﻠﯿﻢ .

 

 

10.نحن نعيش في تونس وكل بلاد المغرب فترة انتقالية صعبة ولا أحد يعرف متى ستطول . في هذه الفترة يتكاثر السياسيون حتى أن عدد أحزابهم يفوق المئات والمطلوب الآن هو تغيير صفة " سياسي " ب "مفكر سياسي " لأن مثل هذا التغيير سيقلص عددهم بصورة لا تتصور لأنني طرحت السؤال التالي : هل أن  الغنوشي والسبسي على سبيل المثال مفكران سياسيان أم مجرد سياسيين ؟  وهل يملكان الشجاعة على كتابة شذرات من حياتهما يتناولان فيها فترة ال 25 سنة من عمرهما بما كانت تتضمن من "صخب جنسي " مثلما أفعل أنا وقبلهما هل كان بورقيبة وزين العابدين بن علي مفكران سياسيان أم مجرد سياسيين ؟ .

 

هذه هي وسيلتي الوحيدة للتغيير فأنا لست الا صاحب قلم أوظفه في ما أرى أنه خير للجميع .

 

 

تخطيط الشذرات لأنني مولع بالتخطيط والتصنيف حتى أنه كاد أن يصبح مرضا بالنسبة الي :

 

أﺗﻌﺮض ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺸﺬرات ﻟﺤﯿﺎﺗﻲ أثناء فترة الطفولة الصعبة بشكل مطول نسبيا لأنتقل بعد ذلك الى معلمتي الأولى وهي المكتبة الوطنية التونسية التي حددت مساري الفكري السياسي لأن الجامعة التونسية لم تضف شيئا الى تكويني عند هذه "المعلمة ".

 

الشذرات اللاحقة تتناول الأربع سنوات في كلية الآداب التي كانت جحيما بالنسبة الي فلقد حصلت في الباكالوريا على عدد عال في الفرنسية أثر في توجيهي الجامعي  لأنني وجهت الى شعبة الفرنسية مباشرة ولكن رغبتي في كتابة الرواية دفعتني الى أن أطلب  تغيير  التوجه فراسلت في الموضوع  محمد الطالبي الذي أشار على حمادي بن حليمة  المكلف اذاك بالتسجيل بقبول مطلبي  . ومن تلك الفترة عشت "جحيمي" في كلية الآداب لأنني عجزت تمام  العجز عن متابعة ما يلقى فيها من دروس في اختصاص العربية لأنه موجه الى حاصلين على بكلوريا أدبية ذات مضامين أمقت أغلبها : هم في غالبيتهم اما ريفيون يعشقون الفن الشعبي وأرقاهم يعشق أم كلثوم أما أنا فميلي كان الى الأغنية الفرنسية غير المؤدلجة مثل Je ne regrette rien.

 

شذرات من طفولتي

 

ﻟﻢ        ﺗﺤﺘﻔﻆ    ذاﻛﺮﺗﻲ  ﺑﺎﻟﻜﺜﯿﺮ   ﻣﻤﺎ      ﯾﺘﻌﻠﻖ    ﺑﻄﻔﻮﻟﺘﻲ اﻟﻤﺒﻜﺮة  ﻓﻤﺎ

أﻋﺮف ﻋﻨﻬﺎ ﻫﻮ أﻧﻨﻲ ﺛﺎﻟﺚ ﻃﻔﻞ ﻓﻲ ﻋﺎﺋﻠﺘﻲ : أﺧﻲ اﻷﻛﺒﺮ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ اﻟﻤﻮﻟﻮد ﺳﻨﺔ 1943 ﺛﻢ أﺧﺘﻲ ﻧﺰﯾﻬﺔ  اﻟﻤﻮﻟﻮدة  ﺳﻨﺔ 1946 وأﻧﺎ اﻟﻤﻮﻟﻮد ﺳﻨﺔ 1948 أﻣﺎ ﺑﻘﯿﺔ اﺧﻮﺗﻲ اﻟﺒﺸﯿﺮ (وﻟﺪ   1954)  واﻟﺬي ﯾﺤﺮص اﻟﻰ اﻟﯿﻮم ﻋﻠﻰ زﯾﺎرﺗﻲ ﻛﻞ 15 ﯾﻮﻣﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﻛﺜﺮ وأﺧﻲ ﻧﻮر اﻟﺪﯾﻦ وﻟﺪ (1957 ) اﻟﺬي  ﻗﺪ ﺗﻤﺮ ﺳﻨﻮات ﻓﻼ ﯾﺰورﻧﻲ ﻟﻀﻌﻒ اﻟﺮاﺑﻄﺔ العائلية عنده خاصة أنه ربط أثناء اكمال دراسته في فرنسا ﻋﻼﻗﺔ ﺑﺰﻣﯿﻠﺔ ﻟﻪ ﺗﺰوﺟﻬﺎ وأﻧﺠﺐ ﻣﻨﻬﺎ ﻃﻔﻼ ﺛﻢ أﺻﺒﺤﺖ ﻗﺎﺿﯿﺔ ﻋﻼﻗﺘﻬﺎ ﺑﺎﻟﺸﻤﺎﻟﯿﯿﻦ اﻷﻓﺮﯾﻘﯿﯿﻦ ﺗﻄﺮح أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺳﺆال . ﻓﻬﻮ ﻻ ﯾﺰور ﺗﻮﻧﺲ اﻻ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺸﻐﻠﻪ ﻣﺼﺎﻟﺤﻪ ﻓﯿﻬﺎ ﻷﻧﻪ ﺻﺎﺣﺐ ﻣﻠﻚ ﻋﻘﺎري وﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﻟﺔ ﻻ ﯾﺘﺼﻞ ﺑﻐﯿﺮ أﺧﺘﻪ ﻧﺰﯾﻬﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﻠﻔﻬﺎ  ب "ادارة ﺷﺆوﻧﻪ" وﺑﺎﻟﺒﺸﯿﺮ اﻟﺬي ﯾﻮاﻓﯿﻨﻲ  أحيانا ﺑﺄﺧﺒﺎره الشحيحة أصلا

 

أﺧﻲ اﻟﺼﻐﯿﺮ ﻧﻮر اﻟﺪﯾﻦ ﻫﺬا ﺗﻌﻠﻢ اﻟﺴﯿﻄﺮة ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺸﻜﻞ ﺟﯿﺪ ﻓﻠﻘﺪ ﻛﺎن ﻣﺜﻠﻨﺎ ﺟﻤﯿﻌﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ﺣﺎد اﻷﻋﺼﺎب وﻟﻜﻦ واﻗﻌﯿﺘﻪ ﻗﺎدﺗﻪ اﻟﻰ اﺧﺘﯿﺎر ﺳﻠﻚ اﻷﻣﻨﯿﯿﻦ وﺳﯿﻠﺔ ﻟﻠﻨﺠﺎح ﻓﺘﺨﺮج ﻣﻨﻪ ﻣﺤﺎﻓﻈﺎ وﺣﺪث ﻟﻪ أن ﻧﺸﺒﺖ ﺧﺼﻮﻣﺔ ﺑﯿﻨﻪ وأﺣﺪ اﻋﯿﺎن ﺑﻨﺰرت ﻣﻦ اﻟﺪﺳﺘﻮرﯾﯿﻦ اﺳﺘﻨﺠﺪ ﺑﻌﺪد ﻣﻨﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ ﻣﻈﻬﺮا ﺑﻄﺎﻗﺔ اﻧﺨﺮاﻃﻪ ﻓﻲ اﻟﺤﺰب ﻓﻜﺎن رد أﺧﻲ ﻧﻮراﻟﺪﯾﻦ أن اﻋﺘﻘﻠﻪ وﺣﺸﺎه ﻓﻲ ﺻﻨﺪوق اﻟﺴﯿﺎرة اﻟﺨﻠﻔﻲ ﻣﻤﺎ ﺳﺒﺐ ﻣﻌﺎﻗﺒﺘﻪ . ﻟﻢ ﯾﺨﺘﺮ اﻻﺳﺘﻘﺎﻟﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﻠﻚ وﻟﻜﻦ اﺧﺘﺎر ﺗﻌﯿﯿﻨﻪ ﻓﻲ ﻓﺮﻧﺴﺎ  وﻛﺎن  ﻟﻪ  ذﻟﻚ . وأﻧﺎ  ﻟﻢ أﺗﻤﻜﻦ اﻟﻰ اﻟﯿﻮم ﻣﻦ ﺗﺤﺪﯾﺪ اﻟﻮﻇﯿﻔﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﻠﻒ ﺑﻬﺎ ﻫﻨﺎك. ﻫﻮ رﺟﻞ ﻛﺜﯿﺮ اﻟﺪﻋﺎﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺎﺋﻞ اﻟﺘﺎﻓﻬﺔ وﻟﻜﻨﻪ ﻻ ﯾﻨﻄﻖ ﺑﺸﻲء ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺎﺋﻞ الأمنية  واﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ  . وﻋﻨﺪﻣﺎ اﻋﺘﻘﻠﺖ ذات ﻣﺮة وﻧﺴﺒﺖ اﻟﻲ ﺗﻬﻤﺔ "اﻟﺴﻜﺮ اﻟﻮاﺿﺢ"

ﺑﺴﺒﺐ وﺻﻔﻲ ﻣﺤﺎﻓﻆ ﺷﺮﻃﺔ ﺑﺄﻧﻪ "اﺑﻦ أﺧﺘﻪ" زﻣﻦ ﻣﺤﻤﺪ  ﻣﺰاﻟﻲ اﻟﺬي ﻛﺎن ﯾﻘﻮل ﻟﻠﺴﻠﻚ "اﺿﺮب  وﺻﺪري ﯾﺤﻤﻲ" وﺣﻜﻢ ﻋﻠﻲ ﺑﺴﺠﻦ ﺗﺤﻮل اﻟﻰ "ﺗﺄﺟﯿﻞ ﺗﻨﻔﯿﺬ" اﻛﺘﻔﻰ أﺧﻲ ﻧﻮر اﻟﺪﯾﻦ ﺑﺘﺤﺮﯾﻚ ﻣﻌﺎرﻓﻪ ﻣﻦ اﻟﻤﺤﺎﻣﯿﻦ واﻟﻘﻀﺎة  . وﻟﻮﻻه ﻟﻜﺎن ﻣﺼﯿﺮي ﻏﯿﺮ ﻣﺎ ﺧﻄﻄﺖ ﻟﻪ. ﻓﻌﻼﻗﺘﻲ ، اذا ، ﺑﺎﺧﻮﺗﻲ ﺗﺒﺪو ﻓﻲ اﻟﻈﺎﻫﺮ ﺟﺪ ﺿﻌﯿﻔﺔ ﺑﺴﺒﺐ ﻣﺎ ﯾﺮون ﻓﻲ ﻣﻦ ﻧﻔﻮر واﺿﺢ  من  ﺎﻻﻫﺘﻤﺎم ﺑﻤﺎ ﯾﺸﻐﻠﻬﻢ ﻣﻦ رﺑﻂ اﻟﻌﻼﻗﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺨﺪﻣﻬﻢ اﻣﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻣﺒﺎﺷﺮ أو ﻏﯿﺮ ﻣﺒﺎﺷﺮ ، أﻗﺼﺪ أﻧﻬﻢ ﻧﻔﻌﯿﻮن ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻤﻮم ﺷﺄﻧﻬﻢ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﺷﺄن أﻏﻠﺐ اﻟﺘﻮﻧﺴﯿﯿﻦ ﺑﻞ أﻏﻠﺐ اﻟﻨﺎس ﻓﻲ ﻛل بلاد الآرض .

 

اﻟﻤﺘﻀﺮر اﻷﻛﺒﺮ ﻓﻲ ﻋﺎﺋﻠﺘﻨﺎ ﻫﻮ اﺧﺘﻲ ﻧﺰﯾﻬﺔ اﻟﺘﻲ ﺣﺮﻣﻬﺎ أﺑﻮﻫﺎ ﺣﺘﻰ ﻣﻦ اﻻﻟﺘﺤﺎق ﺑﺎﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻻﺑﺘﺪاﺋﯿﺔ ﻷﻧﻪ ﻛﺎن ﯾﺴﻤﯿﻬﺎ   "ﻣﺪرﺳﺔ ﺑﻮرﻗﯿﺒﺔ " اﻟﺬي ﯾﻤﻘﺘﻪ ﻣﻘﺘﺎ ﻻ ﻣﺰﯾﺪ ﻋﻠﯿﻪ  ﻣﺜﻞ أﻏﻠﺐ اﻟﺠﻨﻮﺑﯿﯿﻦ اﻟﺘﻮﻧﺴﯿﯿﻦ آﻧﺬاك وﻛﺎن اذا  زار  اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ  ﺗﻘﺘﺼﺮ  زﯾﺎرﺗﻪ  ﻋﻠﻰ  ﻣﻘﺮ  ﺟﻤﻌﯿﺔ اﻟﺸﺒﺎن اﻟﻤﺴﻠﻤﯿﻦ .

 

أﺑﻲ اﻟﺼﻐﯿﺮ ﺑﻦ ﻣﻨﺼﻮر ﺑﻦ ﻋﺒﺪ اﻟﻠﻄﯿﻒ اﻟﺬي ﻻ ﯾﻌﺮف أﺣﺪ ﺳﻨﺔ وﻻدﺗﻪ اﻟﺤﻘﯿﻘﯿﺔ ﻋﺎش أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺗﺴﻌﯿﻦ ﺳﻨﺔ وﻛﺎن ﻋﻔﯿﻒ اﻟﻠﺴﺎن وﻣﻦ ﺣﻔﻈﺔ اﻟﻘﺮآن وﻫﻮ ﯾﻨﺘﻤﻲ اﻟﻰ سوق اﻷﺣﺪ ﻓﻲ ﻗﺒﻠﻲ اﻟﻤﻨﻘﺴﻤﺔ اﻟﻰ ﺟﺰءﯾﻦ ﺟﺰء ﯾﺨﺮج اﻟﻤﺆدﺑﯿﻦ وﺟﺰء ﻻ ﯾﻮﻟﻲ اﻟﺪﯾﻦ ﻣﺎ ﯾﻮﻟﯿﻪ اﻟﺠﺰء اﻷول ﻣﻦ اﻫﺘﻤﺎم .  وﻋﻨﺪﻣﺎ ﻫﺎﺟﺮ اﻟﻰ اﻟﻜﺎف اﻟﺘﻮﻧﺴﯿﺔ واﺷﺘﻐﻞ ﻣﺆدﺑﺎ ﻓﻲ ﻗﺮﯾﺔ ﻓﯿﻬﺎ ﺗﺴﻤﻰ ﺑﻬﺮة ﺤﺎز ﺑﺬﻟﻚ ﺳﻤﻌﺔ ﻗﺮﺑﺘﻪ ﻣﻦ أﺧﻮاﻟﻲ اﻟﺠﺰاﺋﺮﯾﯿﻦ   اﻟﺬﯾﻦ ﻛﺎﻧﻮا واﺳﻄﺔ ﻓﻲ ﺗﺰوﯾﺠﻪ ﻣﻦ أﻣﻲ  فاطمة  الغربي وكانت في سن 15 سنة مما سبب  موت ابنها الأول محمد وقرار  أخي الأكبر عبد العزيز اﻟﺬي رﻓﺾ أن ﯾﻨﺠﺐ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ وﻟﺪ واﺣﺪ في غياب ظروف لا  تسمح بتنشئة طفل في ظروف مقبولة .

 

 أﺧﻲ  اﻷﻛﺒﺮ  ﻋﺒﺪ  اﻟﻌﺰﯾﺰ  ﺗﺨﺮج  ﻣﻦ  ﻓﺮع  ﻣﻦ  ﻓﺮوع   "اﻟﺰﯾﺘﻮﻧﺔ" وﻛﺎن ﻋﻠﻰ ﻋﻜﺲ أﺑﻲ ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻻ ﯾﻘﻮل ﺑﺸﻲء ﻣﻤﺎ ﯾﻘﻮل ﺑﻪ أﺑﻲ : ﻛﺎن ﺣﺎﻓﻆ ﻗﺮآن ﻣﺜﻠﻪ وﻣﺜﻠﻲ أﻧﺎ ﻣﻤﺎ ﻣﻜﻨﻪ ﻓﻲ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﻣﻦ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﻣﻨﺼﺐ ﻣﻌﻠﻢ ﺑﻔﻀﻞ ﻗﺪراﺗﻪ اﻟﻠﻐﻮﯾﺔ وﻟﻜﻨﻪ ﻛﺎن ﻣﻘﺒﻼ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﯿﺎة  ، ﺻﯿﺎدا ﺣﻘﯿﻘﯿﺎ ﻟﻼﻧﺎث ﻋﻠﻰ  ﻋﻜﺴﻲ  أﻧﺎ تماما وﻛﺎن  ﻻ  ﯾﻤﯿﺰ  ﺑﯿﻦ  اﻟﻼﺟﺌﺎت اﻟﺠﺰاﺋﺮﯾﺎت واﻟﺘﻮﻧﺴﯿﺎت . وﻋﻨﺪﻣﺎ كان  أبي ﯾﻜﻠﻔﻪ   ﺑﺤﺮاﺳﺔ  اﻟﺨﺮوف اﻟﺬي ﯾﺤﺮص  ﺧﺎﻟﻲ   ﻋﻠﻲ   ﺳﺎﺋﻖ اﻟﺸﺎﺣﻨﺎت ﻋﻠﻰ ﺗﻮﻓﯿﺮه ﻛﻞ ﺳﻨﺔ للعائلة كان  ﯾﻜﻠﻔﺔ ﻓﻲ اﻵن ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺎﻟﺘﺜﺒﺖ ﻣﻦ ﻣﺪى ﺣﻔﻈﻲ اﻟﻘﺮآن وﻟﻜﻨﻪ كان  ﯾﺸﺮد ﻷول راﺋﺤﺔ أﻧﺜﻰ ﻗﺮﯾﺒﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﻜﺎن  ﻓﯿﻨﺴﻰ  اﻟﺨﺮوف واﻟﻘﺮآن ﻣﻌﺎ . وﻫﺬا اﻟﺴﻠﻮك ﻛﻠﻔﻪ ﻏﺎﻟﯿﺎ ﻓﻲ ﺟﺴﺪه : ﻃﻠﺐ ﻣﻨﻲ واﻟﺪي اﻟﺬي ﻻ ﯾﻜﻒ ﻋﻦ اﻻﻓﺘﺨﺎر ﺑﻤﺎ ﻗﺪم للاسلام  أن أﺳﺘﻌﺮض أﻣﺎم ﺟﻤﻊ ﻣﻦ "اﻟﺠﻼﺑﺔ" اﻟﺬﯾﻦ ﯾﻠﻮﻣﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﺟﻬﻠﻬﻢ ﻣﺪى ﺣﻔﻈﻲ اﻟﻘﺮآن ﻓﺘﻌﺜﺮت ﺑﺸﻜﻞ ﻓﺎﺿﺢ أﻣﺎﻣﻬﻢ ﻓﻤﺎ ﻛﺎن ﻣﻦ أﺑﻲ اﻻ أن اﺗﺠﻪ ﻣﺒﺎﺷﺮة أﻣﺎم اﻟﺠﻤﯿﻊ اﻟﻰ ﻫﺮاوة ﻣﺸﻮﻛﺔ  اﻧﻬﺎر ﺑﻬﺎ ﻋﻠﻰ أﺧﻲ اﻷﻛﺒﺮ ﻓﺄدﻣﺎه ﻓﻲ ﻣﻮاﺿﻊ كثيرة من جسده .

 

 ورﺛﺖ ﻋﻦ أﺑﻲ ﺳﻬﻮﻟﺔ اﻟﺪﻣﻊ وﻟﻜﻦ ﻣﺎ ﯾﻤﯿﺰﻧﻲ ﻋﻨﻪ ﻫﻮ أﻧﻪ ﻛﺎن ﻋﺼﻲ اﻟﺪﻣﻊ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺎ ﯾﺘﻌﻠﻖ ﺑﺤﯿﺎة اﻻﻧﺴﺎن ﻫﺎ ﻫﻨﺎ ﻓﻲ اﻷرض  وﻟﻜﻨﻪ  ﻛﺎن   ﯾﺒﻜﻲ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ ﻋﻨﺪ قراءة القرآن أما أنا فأبكي ﻋﻨﺪ رؤﯾﺔ أو ﺳﻤﺎع ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﺆﺛﺮ اﻧﺴﺎﻧﯿﺎ .

 

 أﺣﺒﺒﺖ   أﺧﺘﻲ  ﻧﺰﯾﻬﺔ  ﻷﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺪﻟﻠﻨﻲ  ﻓﺘﺮﻛﺒﻨﻲ ﻇﻬﺮﻫﺎ وأﻧﺎ ﺻﻐﯿﺮ ﻣﺪة ﻃﻮﯾﻠﺔ ﻣﻦ دون ﺷﻜﻮى وﺗﺪور ﺑﻲ ﻓﻲ ﻣﺎ ﯾﺘﺴﻊ ﻟﻪ ﻣﺤﯿﻄﻨﺎ وﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﻬﺠﻰ اﻟﺤﺮوف ﺑﺼﻌﻮﺑﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﯾﺔ وﺗﻜﺘﺐ اﻟﺪال ذا اﻟﺠﻨﺎﺣﯿﻦ وﻟﻜﻨﻬﺎ ﺗﻤﻜﻨﺖ ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﯾﺔ ﻣﻦ اﺗﻘﺎن ﻗﺮاءة  ﺻﺤﯿﻔﺔ  اﻟﺼﺒﺎح  اﻟﺘﻮﻧﺴﯿﺔ  اﻟﺘﻲ  ﯾﻮاﻇﺐ  أﺑﻲ  ﻋﻠﻰ قراءتها  ثم يلقيها لنا بعد حذف صدى المحاكم فيها حماية لنا من كل أشكال الانحراف وخاصة الجنسي منه.

 

 

ﻛﺎن اﻟﺠﺮاد ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮات ﻛﺜﯿﺮا ﻣﺎ ﯾﺠﺘﺎح اﻟﺒﻼد ﻓﯿﻐﻄﻲ  وﺟﻪ  اﻟﺴﻤﺎء وﯾﺤﺠﺐ ضوء اﻟﺸﻤﺲ وﻛﺎن ﻛﺜﯿﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﯾﺘﻔﻨﻨﻮن ﻓﻲ ﻃﺒﺨﻪ وﺗﺠﻔﯿﻔﻪ وﻛﻨﺖ ﻣﺜﻞ أﻏﻠﺐ ﻣﻦ ﻫﻢ ﻓﻲ ﺳﻨﻲ أﻗﺒﻞ  ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻬﺎﻣﻪ ﺑﺸﺮاﻫﺔ . وﻟﻘﺪ ﺣﺪث ذات ﯾﻮم أن ذﻛﺮت ﻫﺬااﻟﻮاﻗﻊ أﻣﺎم ﻃﻠﺒﺘﻲ ﻓﺮأﯾﺖ أﻏﻠﺒﻬﻢ ﯾﺒﺪون ﻋﻼﻣﺔ اﻟﺘﻘﺰز.

 ﻟﻢ أذﻛﺮ أﻣﺎم ﻫﺆﻻء اﻟﻄﻠﺒﺔ أن اﻟﺤﺎﻟﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﻷﻏﻠﺐ اﻟﻨﺎس ﻓﻲ ﻣﺤﯿﻄﻲ آﻧﺬاك ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺪﻓﻊ ﻋﺪدا ﻣﻨﻬﻢ اﻟﻰ اﺻﻄﯿﺎد اﻟﻘﻄﻂ وﺳﻠﺨﻬﺎ وﻃﺒﺨﻬﺎ  . وﻗﺪ ﺣﺪث أن ﻫﺎﺟﻢ ﻋﺪد ﻣﻨﻬﻢ ﺛﻜﻨﺔ ﻓﺮﻧﺴﯿﺔ ﻟﻘﺮﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﺨﺰن ﻗﻤﺢ ﻓﺜﻘﺒﻮا ﻋﺪدا ﻣﻦ ﺟﺪراﻧﻬﺎ واﺳﺘﻮﻟﻮا ﻋﻠﻰ أكياس القمح .

 

ﺳﻨﺔ 1954 وﻟﺪ أﺧﻲ اﻟﺒﺸﯿﺮ اﻟﺬي ﺣﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ ﺳﻨﺔ زﯾﺎرﺗﻲ ﻛﻞ 15 ﯾﻮﻣﺎ وأﻧﺎ أﺧﺼﺺ  ﻟﻪ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺷﺬرة ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺨﺪم موضوعي .

 

أﺧﻲ اﻟﺒﺸﯿﺮ أﻧﺎ ﻣﻦ أﺷﺮﻓﺖ ﻋﻠﻰ ﺗﻜﻮﯾﻨﻪ أﻧﺎ اﻟﺬي ﻋﺎﻧﯿﺖ ﻣﻦ ﺳﯿﺎﺳﺔ أﺑﻲ ﻓﻲ ﻣﻌﺎداة "اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻟﺒﻮرﻗﯿﺒﯿﺔ" وﺗﻄﺒﯿﻘﻬﺎ ﻋﻠﯿﻨﺎ أﺧﻲ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ وأﺧﺘﻲ ﻧﺰﯾﻬﺔ وأﻧﺎ وﻛﺎن ﯾﻤﻜﻦ ﻷﺧﻲ اﻟﺒﺸﯿﺮ أن ﯾﻌﺮف اﻟﻤﺼﯿﺮ ﻧﻔﺴﻪ ﻟﻮﻻ ﺗﺪﺧﻞ أﺧﯿﻨﺎ اﻷﻛﺒﺮ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ  اﻟﺤﺎﺳﻢ اﻟﺬي ﻓﺮض ﺗﺮﺳﯿﻤﻲ ﻓﻲ ﻣﺪرﺳﺔ اﺑﺘﺪاﺋﯿﺔ ﻓﻲ ﺑﻠﺪة ﻣﻘﺮﯾﻦ ﻓﻲ ﺳﻦ ﻣﺘﺄﺧﺮة ﺣﺼﻠﺖ ﻓﯿﻬﺎ ﺑﻌﺪ 3 ﺳﻨﻮات ﻋﻠﻰ  اﻻﺑﺘﺪاﺋﯿﺔ  ﻟﺘﻔﻮﻗﻲ  ﻋﻠﻰ  ﻛﻞ  اﻟﺘﻼﻣﯿﺬ ﺑﺴﺒﺐ ﻧﻮع اﻟﻤﻌﻠﻤﯿﻦ ﺗﻮﻧﺴﯿﯿﻦ وﻓﺮﻧﺴﯿﯿﻦ وﺷﺪة ﺻﺮاﻣﺔ اﻟﻜﺜﯿﺮﯾﻦ ﻣﻨﻬﻢ ﺣﺘﻰ أن أﺣﺪ اﻟﻤﻌﻠﻤﯿﻦ وﻫﻮ ﺳﯿﺪي ﻋﺒﺪاﷲ اﻟﺬي ﻛﺎن ﯾﻜﻠﻔﻨﻲ ﺑﺎﺻﻼح ﻣﺎ ﯾﻜﺘﺐ ﺑﻘﯿﺔ اﻟﺘﻼﻣﯿﺬ ﻋﺎﻗﺒﻨﻲ ذات ﯾﻮم ﺑﻀﺮﺑﺎت ﻓﻲ اﻟﺸﺘﺎء ﻋﻠﻰ أﺻﺎﺑﻌﻲ ﻓﻨﺰﻓﺖ دﻣﺎ ﻟﻤﺨﺎﻟﻔﺔ ﺑﺴﯿﻄﺔ . وأﻧﺎ ﻣﺎ زﻟﺖ اﻟﻰ اﻟﯿﻮم  أذﻛﺮه  ﺑﺨﯿﺮ  ﻫﻮ وأﻏﻠﺐ زﻣﻼﺋﻪ ﻧﺴﺎءا ورﺟﺎﻻ ﻷﻧﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﯾﺤﺒﻮن ﺗﻼﻣﯿﺬﻫﻢ ﻣﻦ دون ﺗﻤﯿﯿﺰ . ﻛﺎن ﯾﻮﺟﺪ ﻣﻨﺎ ﻣﻦ ﻻ ﯾﻠﺒﺲ  ﻏﯿﺮ ﺻﻨﺪال ﻣﺘﻬﺮئ ﻣﺜﻠﻲ وﻣﻦ ﻛﺎن أﺑﻮه ﯾﻤﻠﻚ ﻓﯿﻼ ﺑﻨﺎﻫﺎ اﻟﻔﺮﻧﺴﯿﻮن ﻣﻀﺎﻓﺔ اﻟﻰ ﺣﺪﯾﻘﺔ واﺳﻌﺔ ﻛﺜﯿﻔﺔ اﻷﺷﺠﺎر ﻛﺎن اﻟﺘﻼﻣﯿﺬ اﻟﻔﻘﺮاء ﻣﻨﺎ ﯾﻬﺎﺟﻤﻮن ﺣﺪﯾﻘﺘﻬﺎ ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ وﺟﺒﺘﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﺘﻮت ﺧﺎﺻﺔ وﻟﻘﺪ ﺻﺎدﻓﺖ وأﻧﺎ ﻣﺪرس ﻓﻲ ﻛﻠﯿﺔ اﻵداب 9 أﻓﺮﯾﻞ اﻣﺮأة ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻤﯿﺬة ﻣﺜﻠﻲ ﻓﻲ ذاك الزمن . هي لم تعرفني وﻟﻜﻨﻨﻲ ﺗﺬﻛﺮت وﺟﻬﻬﺎ اﻟﻤﺸﺮق ﻓﺒﻘﯿﺖ         ﻃﯿﻠﺔ     اﻟﯿﻮم أشعرﺑﺴﻌﺎدة ﯾﺼﻌﺐ ﺗﺼﻮرﻫﺎ .

 

معلمو تلك الفترة وسواء أكانوا من الفرنسيين أو التونسيين هم من خريجي المدرسة العلوية التي أنشأتها فرنسا سنوات قليلة بعد احتلال البلاد لتخريج معلمين شبيهين بمعلمي فرنسا أي قادرين على تكوين تلميذ جيد حائز على قدر من المعلومات في أكثر من مجال.

ومن تخرج منهم في تونس نال اجاب كل التونسيين من دون استثناء واسألوا من بقي منهم حيا فسيؤكد ما أقول.وأنا ما زلت الى اليوم أتذكر صورة معلمتي السيدة بوفايد التي كانت تسكن مقرين : كانت في تقديري تبلغ الأربعين وفي درس الأشياء وحديثها عن جسم الانسان عرت جزءا من جسمها للتوضيح فأصبت بالدهشة نظرا الى تكويني الديني .

 

سأتوسع أكثر مما فعلت الآن في حديثي عن مدرسة ترشيح المعلمين التي تخرج منها مساعد التعليم العالي المنجي الشملي الذي يمكن أن يعاقب أيا كان يذكر تكوينه الأول لأن حالته الاجتماعية لم تمكنه من الالتحاق بالمعهد الصادقي فالتجأ الى مدرسة ترشيح المعلمين ومنها حصل في نهاية الأمر على البكلوريا والتحق بفرنسا التي حصل فيها على التبريز  ولم ينتج بعد ذلك شيئا يعتد به اذ تتالت ترقياته بالشكل الذي نعرفه في تونس .

 

 ﻟﻢ أﻗﺾ ﻓﻲ اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻻﺑﺘﺪاﺋﯿﺔ اﻻ ﺛﻼث ﺳﻨﻮات اﻧﺘﻘﻠﺖ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﺑﺴﺒﺐ ﺗﻘﺪم ﻋﻤﺮي اﻟﻰ اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻻﻋﺪادﯾﺔ ﻓﻲ أرﯾﺎﻧﺔ اﻟﺘﻲ ﻗﻀﯿﺖ ﻓﯿﻬﺎ 3 ﺳﻨﻮات ﻛﻨﺖ ﻓﯿﻬﺎ ﻛﺎﻟﻌﺎدة ﻣﺘﻔﻮﻗﺎ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻫﻮ أدﺑﻲ ﺳﻮاء ﻓﻲ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ أو اﻟﻔﺮﻧﺴﯿﺔ ﺑﻞ اﻻﻧﻜﻠﯿﺰﯾﺔ اﻟﺘﻲ " أﺣﺒﺒﺖ " ﻣﺪرﺳﺘﻬﺎ اﻷﻣﺮﯾﻜﯿﺔ اﻟﻰ ﺣﺪ  أنني ﻛﻨﺖ أﺧﺎﺻﻢ اﻟﺘﻼﻣﯿﺬ اﻟﺬﯾﻦ "ﯾﺸﻮﺷﻮن ﻋﻠﯿﻬﺎ " ﺟﻬﻼ ﻣﻨﻲ ب"اﻟﻌﻘﻠﯿﺔ" اﻵﻣﺮﯾﻜﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺮﻓﺾ أﯾﺔ وﺻﺎﯾﺔ . وﻟﻘﺪ ﻋﺎﻗﺒﺘﻨﻲ ﻫﺬه اﻵﻧﺴﺔ ولكن بشكل يختلف عن عقاب ﺳﯿﺪي ﻋﺒﺪ اﷲ  الدامي .ﻫﻲ ﻟﻢ ﺗﻌﻤﺪ اﻟﻰ اﻟﺘﻨﻘﯿﺺ ﻣﻦ اﻋﺪادي وﻟﻜﻨﻬﺎ اﺟﺘﻬﺪت ﻓﻲ ﺗﺠﺎﻫﻠﻲ ﺗﺠﺎﻫﻼ ﺗﺎﻣﺎ ﻻ رﺟﻌﺔ ﻓﯿﻪ. وأﻧﺎ ﻟﻢ أﻗﺾ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻻﻋﺪادﯾﺔ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ 3 ﺳﻨﻮات  أﯾﻀﺎ  ﺷﺎرﻛﺖ  ﺑﻌﺪﻫﺎ  ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻇﺮة اﻧﺘﺪاب أﻋﻮان اﻟﻤﻜﺘﺒﺔ اﻟﻮﻃﻨﯿﺔ اﻟﺘﻮﻧﺴﯿﺔ وﻧﺠﺤﺖ ﻓﯿﻬﺎ ﺑﺘﻔﻮق ﻓﻌﯿﻨﺖ ﺑﻌﺪ ﺳﻨﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻜﻮﯾﻦ ﻣﻔﻬﺮﺳﺎ ﻟﻠﻜﺘﺐ ﻓﯿﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺨﺘﻠﻒ اﻟﻠﻐﺎت ﻓﻜﺎن ﺗﺄﺛﯿﺮ ﻫﺬا اﻟﺘﻌﯿﯿﻦ ﻓﻲ ﺣﺎﺳﻤﺎ ﻷﻧﻨﻲ ﻓﻲ ﺣﻘﯿﻘﺔ اﻷﻣﺮ "ﻓﺄر ﻣﻜﺘﺒﺔ" ﺣﻘﯿﻘﻲ : ﻟﻘﺪ أﺻﺒﺤﺖ ﻣﻨﺬ ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة أﺻﻨﻒ ﻛﻞ اﻟﻜﺘﺐ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺮض أﻣﺎﻣﻲ ﺑﺼﺮاﻣﺔ وﻻ أﻃﺎﻟﻊ  ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺎ ﯾﺨﺼﻨﻲ اﻻ على ما ﯾﺸﻐﻠﻨﻲ أﺳﺎﺳﺎ    ﻓﻘﺮأت    ﻣﻨﻬﺎ ﻋﺪدا          ﯾﺼﻌﺐ   ﺣﺼﺮه وﺑﺎﺳﺘﯿﻌﺎب ﻣﺎ زﻟﺖ اﻟﻰ اﻟﯿﻮم أﻋﺠﺐ ﻣﻨﻪ : ﺗﺼﻮروا ﻋﻠﻰ ﺳﺒﯿﻞ اﻟﻤﺜﺎل أﻧﻨﻲ ﻗﺮأت آﻧﺬاك رواﯾﺔ ﻟﻮﯾﺲ ﻓﺮدﯾﻨﺎﻧﺪ ﺳﯿﻠﯿﻦ nuit          la       de      bout   au      Voyage        ﻓﻲ مئات الصفحات وﺑﺎﻋﺠﺎب ﻻ ﯾﻘﺪر !

 

الآنسة لوفيفر التي أحببتها من دون أن اربط بها علاقة جنسية لأنها رفضت ذلك بعد أن تعمقت في وتكويني الأول قالت لي بصراحة انني أخشي عليك من علاقة بي لأنك "متصوف" لا يمكن أن يقبل بسهولة قطع صلة بمن أحب وأنا امرأة لا يربطني بالناس الذين  أعاشرهم غير فترة لا تتجاوز الساعة !

 

استعملت الآنسة لوفيفر كلمة "متصوف " بالمعنى الذي درج عليه الفرنسيون من دون تفطن أن كثيرا من "المتصوفين" كانوا صيادي نساء يستغلون ضعفهم النفسي وجهلهم الفكري ولكنني تجاهلت هذا الأمر في ما يخصني فلقد كنت مكتفيا جنسيا لأن واحدا من رفاقي في مدرسة المكتبة كان يساكنني في حي قديم وكان لا يمر يوم حتى تتقاطر علينا نساء تتخذن من العلاقات الجنسية مصدر رزق والبعض منهن كان يعيل عائلة وأنا لم أرفض يوما المشاركة في هذه الممارسة لأنني مثل كل الناس لم أكن أرغب في قمع رغباتي الجنسية .

الآنسة المكتبية  كانت تتغافل عما أفهرس في اليوم مما مكنني من قراءة عدد كبير من الكتب .

هي لم تكن على تكوين جيد في غير اختصاصها ولكنها كانت طيلة ساعات عملها شبيهة بهذا 'الثور" الذي لا يتوقف عن النشاط طيلة اليوم حتى أنني لم أرها تقتطع ولو ساعة للأكل  فهي تقضي اليوم بين الكتب لفهرستها وازالة ما فقد منها في القوائم.

 

كنت أرافقها في سيارتها البسيطة فنتجول في مختلف جهات تونس الشمالية وكانت تحرص على تذكيري بضرورة حمل بطاقة التعريف رغم أنني متأكد أن الشرطة لن تطلب منا شيئا بسبب رقم السيارة الفرنسية .

 

يبدو أن الساكنات المجاورات لشقة الآنسة لوفيفر كن يراقبن من يدخل بيتها لا أنا فقط لكن كذلك تونسيين من طالبي اللذة خارج الزواج فاتصلن بمحمد الرزقي  محافظ المكتبة الوطنية يشتكين من سلوكها فما كان منه الا أن طلب من وزارة الثقافة الغاء عقدها فعوضتها امراة ذات جمال بارد متزوجة من  "كريولي" فرنسي أسمر اللون  فكانا يقضيان أوقات العمل في نوع من الغزل الصبياني .

كان ذلك سنة1969 .

 

عندما حصلت على الباكالوريا في  هذه السنة  كانت الآنسة لوفيفر من المبكرين  الذين التحقوا  بالليسي كارنو لمعرفة النتائج وتهنئتي.

 

ﻫﺬا ﻫﻮسبب اعترافي بالجميل لفرنسين :

 

الآنسة لوفيفر التي تعلمت منها الفهرسة بالفرنسية .

 الأستاذ الفرنسي الشاب الذي امتحنني ودارت المناقشة بيننا حول موقفي من جان بول سارتر  ومالرو في كتابه "المنزلة الانسانية"  وانتهت بأسنادا العدد 15 من عشرين مما مكنني من ردم الهوة بين ما حصلت عليه في الرياضيات  وفي اللغة الفرنسية .

 

اﻷﺳﺘﺎذ   اﻟﺘﻮﻧﺴﻲ اﻟﺬي اﺧﺘﺒﺮﻧﻲ  في اﻟﻠﻐﺔ العربية وكان يدرس الدارجة التونسية ﻣﻨﺤﻨﻲ أﻧﺎ حافظ القرآن ومرتله والذي ﺑﺪأت اﻣﻜﺎﻧﺎﺗﻲ اﻟﻠﻐﻮﯾﺔ ﺗﻈﻬﺮ ﻣﻨﺬ ﻓﺘﺮة ﻣﺒﻜﺮة...9 ﻣﻦ ﻋﺸﺮﯾﻦ ﻣﻌﺎداة ﻣﻨﻪ ﻟﻠﻤﺘﺮﺷﺤﯿﻦ اﻷﺣﺮار.

 

ﻫﺬا ﻫﻮ ﺳﺒﺐ اﻋﺘﺒﺎري أن اﻟﻤﻜﺘﺒﺔ اﻟﻮﻃﻨﯿﺔ اﻟﺘﻮﻧﺴﯿﺔ ﻫﻲ ﻣﺮﺿﻌﺘﻲ  ﺑﻌﺪ أﻣﻲ ﻓﺄﻧﺎ أدﯾﻦ ﻟﻬﺎ ﺑﻜﻞ ﺷﻲء ﺗﻘﺮﯾﺒﺎ وﻟﺬﻟﻚ   ﺳﺄﺧﺼﺺ ﻟﻬﺎ ﺷﺬرة ﻣﻦ ﺷﺬرات ﺣﯿﺎﺗﻲ  رﻏﻢ أﻧﻬﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺴﺒﺐ اﻷﺻﻠﻲ ﻏﯿﺮ اﻟﻤﺒﺎﺷﺮ ﻓﻲ ﻣﻌﺎﻧﺎﺗﻲ ﻃﯿﻠﺔ 4 ﺳﻨﻮات ﻓﻲ ﻗﺴﻢ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ﻷن ﺗﻜﻮﯾﻨﻲ اﻟﺬي وﺻﻔﺖ ﻛﺎن ﺗﻜﻮﯾﻨﺎ ﻻ ﺗﺮﺑﻄﻪ أي راﺑﻄﺔ ﺑﻤﺎ ﻛﺎن ﯾﺪرس ﻓﻲ ﻗﺴﻢ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ اﻟﺬي ﻟﻢ أﻧﺠﺢ ﻓﻲ الأربع سنوات التي قضيتها فيه ولو مرة واحدة في الدورة الرئيسية .

 كنت ﻻ أﺣﻀﺮ أي درس ﯾﻠﻘﻰ  ﻓﺄﺳﻘﻂ ﻓﻲ اﻟﺪورة اﻷوﻟﻰ ﻣﻤﺎ ﯾﺠﺒﺮﻧﻲ ﻋﻠﻰ ﻧﺴﺦ ﻣﺎ ﻛﺘﺒﻪ اﻟﻄﻠﺒﺔ  ﻓﺄﻧﺠﺢ  ﻓﻲ  دورة  ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ   وﻫﻜﺬا دواﻟﯿﻚ ﻃﯿﻠﺔ الأربع سنوات .

 

أﺧﺘﻢ ﺑﻬﺬا ﻫﺬه اﻟﺸﺬرة وأﻋﻮد اﻟﻰ ﺣﺪﯾﺜﻲ عن العائلة النفزاوية.

 

اﻧﺘﻬﻰ ﻣﺴﺎر أﺧﻲ اﻷﻛﺒﺮ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ ﻓﻲ اﻟﺸﺬرة اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻨﯿﻨﺎ ﺑﺘﻌﯿﯿﻨﻪ ﻣﺪﯾﺮ ﻣﺪرﺳﺔ اﺑﺘﺪاﺋﯿﺔ ﻓﻲ "دﺷﺮة ﻧﺒﺮ" ﻓﻲ وﻻﯾﺔ اﻟﻜﺎف وﻓﯿﻬﺎ أﻧﺠﺐ ﻃﻔﻠﻪ     اﻟﻮﺣﯿﺪ   ﻧﺰار     ﺑﺴﺒﺐ    كرهه الانجاب في وﺿﻊ ﻻ ﯾﺴﻤﺢ ﺑﺬﻟﻚ.

 

أﺧﻲ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ ﻫﺬا ذو ﻗﻠﺐ ﻛﺒﯿﺮ ﻟﻢ ﯾﺼﻞ أي واﺣﺪ ﻣﻨﺎ ﻓﻲ

اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ اﻟﻰ اﻻﻗﺘﺮاب ﻣﻨﻪ وﻟﻮ ﻗﻠﯿﻼ . ﺗﺰوج اﺑﻨﺔ ﺧﺎﻟﻪ زﻛﯿﺔ ﺑﻨﺖ ﺧﺎﻟﻲ ﻋﻠﻲ وﻛﺎن أﺧﻮﻫﺎ اﻟﻬﺎدي اﻟﺬي وﻟﺪ ﻓﻲ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺘﻲ وﻟﺪت ﻓﯿﻬﺎ واﺣﺪا ﻣﻦ ﺣﺮاس اﻟﺤﺒﯿﺐ ﺑﻮرﻗﯿﺒﺔ ﻟﻀﺨﺎﻣﺔ ﺟﺴﻤﻪ وﻧﻈﺎﻓﺘﻪ اﻷﺧﻼﻗﯿﺔ اﻟﻨﺎدرة ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻮﺳﻂ ﻋﻤﻮﻣﺎ . وﻛﺎن ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻘﻊ ﻣﺸﺎدة ﺑﯿﻨﻬﻤﺎ ﻻ ﯾﺸﺘﻤﻬﺎ ﻣﺜﻠﻨﺎ  ﺟﻤﯿﻌﺎ  ﻓﻲ  اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ  ﺑﺎﺳﺘﻌﻤﺎل اﻟﻜﻠﻤﺎت اﻟﺒﺬﯾﺌﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺷﻚ   ﺗﻌﺮﻓﻮﻧﻬﺎ . ﻛﺎن ﯾﺴﺄﻟﻬﺎ ﻓﻲ "ﺧﺒﺚ" : " ﻫﻞ ﺗﻌﺮﻓﯿﻦ ﻛﻢ ﻣﻦ ﻣﺮة  ﺑﺎل  ﺑﻮرﻗﯿﺒﺔ  ﻋﻠﻰ  رأس  أﺧﯿﻚ اﻟﻬﺎدي ؟ " ذﻟﻚ أن ﺑﻮرﻗﯿﺒﺔ ﻋﺎش  ﻓﺘﺮة  ﻃﻮﯾﻠﺔ  ﻣﻨﻬﺎ  ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة التي لا يعود ﻋﺪد ﻣﻦ اﻟﻨﺎس فيها  ﻗﺎدرا  ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺤﻜﻢ ﻓﻲ اﻓﺮازاﺗﻬﻢ.

 

ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ أﺧﻲ اﻷﻛﺒﺮ وﻫﺐ اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ﺣﯿﺎﺗﻪ ﻓﻲ أﻫﻢ ﺟﺰء ﻣﻨﻬﺎ ﻟﺬﻟﻚ عندما مات أبوه وماتت أمه بعد شهور من ذلك في بداية التسعينات أﺻﺪر " ﺗﻌﻠﯿﻤﺘﻪ" اﻟﺘﻲ ﻃﺒﻘﻬﺎ ﺣﺮﻓﯿﺎ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ أﻓﺮاد اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ ﺑﻌﺪ أن اﻧﺸﻐﻞ ﻛﻞ واﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﺑﺤﯿﺎﺗﻪ اﻟﺨﺎﺻﺔ "  ﻣﻦ ﯾﺤﺒﻨﻲ ﻣﻨﻜﻢ أﻃﻠﺐ ﻣﻨﻪ أﻻ ﯾﺰورﻧﻲ"

 

ﻛﺎﻧﺖ أﻣﻲ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﯾﺔ دورﺗﻬﺎ اﻟﺤﯿﺎﺗﯿﺔ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﻣﺮض اﻟﺴﻜﺮ  وﻗﺪ  ﻧﺼﺤﻬﺎ  اﻷﻃﺒﺎء  ﺑﺒﺘﺮرﺟﻞ  ﻣﻦ رﺟﻠﯿﻬﺎ فاستدعانا كبيرهم ﺟﻤﯿﻌﺎ  ﻻﺗﺨﺎذ  ﻗﺮار  وﺳﺄﻟﻨﺎﻫﺎ  فﻛﺎﻧﺖ اﺟﺎﺑﺘﻬﺎ ﻗﺎﻃﻌﺔ ﻻ ﻟﺒﺲ لا لبس فيها :

" ﻧﺤﺐ ﻧﻘﺎﺑﻞ رﺑﻲ ﻛﺎﻣﻠﺔ ! "

 

أﺧﻲ     ﻋﺒﺪ                اﻟﻌﺰﯾﺰ   اﻟﺬي ﻗﻠﺖ ﻋﻨﻪ      اﻧﻪ       ﻛﺎن      ﻓﻲ       ﺷﺒﺎﺑﻪ "ﺻﯿﺎد ﻓﺘﯿﺎت"          أﺻﺒﺢ ﯾﻌﯿﺶ       ﺗﻘﺮﯾﺒﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻠﯿﺐ وﺣﺪه ﺣﺘﻰ ﯾﻮﻓﺮ ﻃﻠﺒﺎت اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ        اﻟﻤﻌﻮزة  ﺧﺎﺻﺔ أﻧﻪ ﻻ ﯾﺘﺤﻤﻞ اﻟﻘﻬﻮة أو اﻟﺘﺪﺧﯿﻦ أو أي ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﻤﺴﻜﺮات وﻟﻘﺪ ﺳﻜﺮت ﻣﻌﻪ ﻣﺮة واﺣﺪة ﺧﺘﻤﻬﺎ ﺑﻘﻲء ﻣﺘﻮاﺻﻞ ﻓﻲ ﺷﺎرع ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺨﺎﻣﺲ وﻟﻘﺪ ﺣﺪث ﻟﻪ أن ﺟﺮب اﻟﺨﻤﺮة ﻗﺒﻞ ذﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﺳﺮدوك (اﻟﺴﺮدوك ﻓﻲ  اللهجة المغاربية    ﻫﻮ اﻟﺪﯾﻚ ) ﻗﻮي اﺷﺘﺮاه للغرض .

 

ﻓﺘﺢ ﻣﺎ ﺑﯿﻦ ﻣﻨﻘﺎرﯾﻪ وﺳﻘﺎه ﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎر ﻻ ﻓﻲ اﻟﻠﯿﻞ ﻗﻄﺮات ﻣﻦ اﻟﺨﻤﺮ ﻓﺎﺳﺘﺤﺎل ﻋﻠﻰ اﻟﺴﺮدوك ﺗﺒﯿﻦ اﻟﺘﻮﻗﯿﺖ اﻟﻄﺒﯿﻌﻲ وﺑﺪأ يعلن عن "مواقيت" غير طبيعية.

 

 

ﺷﺒﻬﻨﻲ  ﺑﻬﺬا  اﻟﺴﺮدوك ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺷﺮﻋﺖ ﻓﻲ ﻧﺸﺮ ﻣﻘﺎﻻﺗﻲ اﻟﻔﻜﺮﯾﺔ اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ وﻟﻜﻦ ﻫﺬا اﻟﺘﺸﺒﯿﻪ ﻏﯿﺮ ﻣﻮﻓﻖ ﻓﻲ ﻧﻈﺮي وﻟﯿﺲ اﻟﻤﻄﻠﻮب ﻣﻦ أﺧﻲ ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﯾﺰ وﻛﺜﯿﺮﯾﻦ ﻣﻤﻦ ﯾﺸﺒﻬﻮﻧﻪ أن ﯾﻨﻔﺬ وﻫﻮ اﻟﺰﯾﺘﻮﻧﻲ ﺗﻜﻮﯾﻨﺎ اﻟﻰ اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ أﻛﺘﺸﻔﻬﺎ اﻻ ﺑﻌﺪ زﻣﻦ ﻃﻮﯾﻞ ذﻟﻚ أن اﻷﻣﺮ ﯾﺘﻌﻠﻖ ﺑﻨﺸﺎط ﺟﺰء ﻣﻦ اﻟﺪﻣﺎغ اﻟﻤﺘﺤﻜﻢ   ﻓﻲ  ﺣﺎﺳﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻋﻦ اﻟﺤﻮاس اﻟﺨﻤﺲ اﻟﺘﻲ ﻧﻌﺮﻓﻬﺎ جميعا .

 

 ﻫﺬه  اﻟﺤﺎﺳﺔ  ﻫﻲ ﺣﺎﺳﺔ اﻟﻮﺟﻬﺔ اﻟﺘﻲ ﯾﻄﻠﻖ ﻋﻠﯿﻬﺎ اﻷﻧﻜﻠﯿﺰ ﻋﺒﺎرة  wayfinding وﻫﻲ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ دﻣﺎﻏﻲ ﺿﻌﯿﻔﺔ اﻟﻰ ﺣﺪ ﺑﻌﯿﺪ .

ﻛﻞ أﺧﻮﺗﻲ ﻣﻦ دون اﺳﺘﺜﻨﺎء ﺣﺎﻟﺔ أدﻣﻐﺘﻬﻢ ﺗﻤﻜﻨﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﺘﻮﺟﻪ   اﻟﻰ  ﺣﯿﺚ ﺷﺎؤوا ﺳﻮاء أﻛﺎﻧﻮا راﺟﻠﯿﻦ أو ﺳﺎﺋﻘﯿﻦ أﻣﺎ أﻧﺎ ﻓﺪﻣﺎﻏﻲ ﻋﺎﺟﺰ ﻛﻞ اﻟﻌﺠﺰ ﻋﻦ ذﻟﻚ ﻓﺄﻧﺎ أﺿﯿﻊ ﺣﺘﻰ ﻓﻲ أﻧﻬﺞ ﻣﺪﯾﻨﺔ ﻣﺘﻮﺳﻄﺔ  اﻟﺤﺠﻢ   ﺣﺘﻰ  ﻻ أﺗﺤﺪث ﻋﻦ ﺳﯿﺮي ﺑﯿﻦ أﻧﻬﺞ

أي ﻣﻨﻄﻘﺔ ﻣﻦ ﻣﻨﺎﻃﻖ ﺑﻼدي.

    ﻫﺬا ﻫﻮ ﺳﺒﺐ ﻛﺮﻫﻲ اﻟﺴﻔﺮ ﻓﻲ ﺣﯿﻦ أن ﻋﺪدا ﻣﻦ اﺧﻮﺗﻲ أﻣﺜﺎل أﺧﻲ اﻟﺒﺸﯿﺮ وأﺧﻲ ﻧﻮر اﻟﺪﯾﻦ واﺑﻨﻲ اﻟﯿﺎس اﻟﻨﺎﺻﺮ  ﻟﻢ يكتفوا بالسفر الى أوربا بما فيها روﺳﯿﺎ ﺑﻞ ﺗﺠﺎوزوﻫﺎ اﻟﻰ اﻟﻮﻻﯾﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة وأﻣﺮﯾﻜﺎ اﻟﺠﻨﻮﺑﯿﺔ واﻟﺼﯿﻦ

 

ﻣﺴﺄﻟﺔ ﺣﺎﺳﺔ اﻟﻮﺟﻬﺔ ﺗﻌﻤﻘﺖ ﻓﻲ دراﺳﺘﻬﺎ ﻻﻧﻌﻜﺎﺳﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻛﺘﺒﺖ وﺣﺘﻰ ﻗﻮﻟﻲ ﺑﺎﻟﻔﻜﺮة اﻟﻤﻐﺮﺑﯿﺔ أﻓﺴﺮه ﺑﺤﺎﺳﺔ اﻟﻮﺟﻬﺔ ذﻟﻚ أن ﺑﻮﺻﻠﺔ دﻣﺎﻏﻲ ﻣﺒﺮﻣﺠﺔ ﺑﺎﻟﺸﻜﻞ اﻟﺬي وﺻﻔﺖ وﺣﺘﻰ ﻋﻨﺪﻣﺎ أﻟﻔﺖ "اﻟﻤﺘﺸﺎﺑﻬﻮن" ﻛﻨﺖ ﺧﺎﺿﻌﺎ ﻻ ﺷﻌﻮرﯾﺎ ﻟﻬﺬه اﻟﺤﺎﺳﺔ "اﻻﺿﺎﻓﯿﺔ" اذ ﻣﺎ ﻫﻮ ﻣﻌﻨﻰ "اﻟﻤﺘﺸﺎﺑﻮن" ؟ اﻧﻪ رﻓﺾ  ﻟﻠﺘﻮﺑﻮﻏﺮاﻓﯿﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻟﺬﻫﻨﻲ اﻟﻤﻌﻘﺪ وﻣﻨﻪ اﻟﻤﺴﺘﻮى اﻟﺠﻨﺴﻲ اﻷﻛﺜﺮ ﺗﻌﻘﯿﺪا فأنا ﻋﺪدت ﻋﻼﻗﺎﺗﻲ اﻟﺠﻨﺴﯿﺔ ﻗﺒﻞ زواﺟﻲ وﻟﻜﻨﻨﻲ ﻟﻢ أﺗﻮﻗﻒ ﻋﻨﺪ واﺣﺪة ﻣﻨﻬﺎ ﺧﻀﻮﻋﺎ ﻟﺤﻜﻢ ﻫﺬه اﻟﺤﺎﺳﺔ اﻟﺘﻲ وﺻﻔﺖ واﻟﺘﻲ ﻫﻲ أﻗﻮى ﻣﻦ اﻷﺧﻼق واﻟﺪﯾﻦ  ﻷﻧﻬﺎ  ﻃﺒﯿﻌﯿﺔ  :  ﺗﺮﻛﯿﺐ  دﻣﺎﻏﻲ اﻟﺬي ﺗﻌﻤﻘﺖ ﻓﻲ دراﺳﺔ ﻧﺸﺎﻃﻪ ﺟﻌﻞ ﻣﻨﻲ اﻧﺴﺎﻧﺎ ﺷﺒﻘﯿﺎ اﻟﻰ أﻗﺼﻰ ﺣﺪ وﻟﻜﻦ ﻫﺬه اﻟﺸﺒﻘﯿﺔ اﻟﻤﻔﺮﻃﺔ ﯾﻨﻌﺪم ﺗﺄﺛﯿﺮﻫﺎ ﻓﻲ ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﯾﻨﺸﻂ دﻣﺎﻏﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺎل اﻟﺪراﺳﻲ واﻟﺘﺪرﯾﺲ وﻟﻬﺬا اﻟﺴﺒﺐ ﻟﻢ ﯾﻌﺮف ﻋﻨﻲ أﻧﻨﻲ  ﺗﻐﯿﺒﺖ ﯾﻮﻣﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﻨﺖ ﻣﺪرﺳﺎ ﻓﻲ اﻟﺜﺎﻧﻮي أو اﻟﻌﺎﻟﻲ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎن اﻟﺴﺒﺐ ﺣﺘﻰ اﻟﻤﺮض وﻟﻜﻦ ﯾﻮم اﻟﺴﺒﺖ ﻛﺎن ﯾﻮم ﺗﺴﯿﺐ هذه اﻟﺤﺎﺳﺔ"        ﻓﯿﺘﻌﻄﻞ          ﻓﻲ       ﺣﺎﻟﺘﻲ    أي       ﻧﺸﺎط    ﻏﯿﺮﻫﺎ ﻣﻬﻤﺎ ﻛﺎن ﻧﻮﻋﻪ.

 ﺟﻬﻞ  ﻫﺬه  اﻟﺤﻘﯿﻘﺔ دﻓﻊ ﻋﺪد اﻟﻨﺎس اﻟﻰ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﻦ "اﻧﻀﺒﺎﻃﻲ" ﻓﻲ ﻛﻞ ﺷﻲء واﻟﺴﺒﺐ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻫﻮ أﻧﻬﻢ ﯾﺼﺪرون ﻓﻲ أﺣﻜﺎﻣﻬﻢ ﻋﻦ اﻟﺤﻮاس اﻟﺨﻤﺲ اﻟﻤﺘﻮﻓﺮة ﻋﻨﺪ أﻏﻠﺒﻬﻢ ﻣﻦ دون اﺳﺘﺜﻨﺎء وﻟﯿﺲ ﺣﺘﻰ  ﻋﻨﺪ اﻟﻘﻠﯿﻞ ﻣﻨﻬﻢ وﻟﻮ ﺷﻌﻮر اﺑﺘﺪاﺋﻲ ﺑﺘﺄﺛﯿﺮﻫﺎ رﻏﻢ أﻧﻬﻢ ﯾﺮددون اﻟﻘﻮﻟﺔ اﻟﺸﻬﯿﺮة اﻟﺼﺤﯿﺤﺔ " اﻟﺤﺎﺟﺔ ﻫﻲ أم اﻻﺧﺘﺮاع" وﻛﯿﻒ ﯾﻤﻜﻦ ﻟﻠﻤﺮء أن "ﯾﺨﺘﺮع" ﺷﯿﺌﺎ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺴﯿﺎق وﻫﻮ ﯾﺠﻬﻞ وﺟﻮد ﻫﺬه "اﻟﺤﺎﺟﺔ" اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺘﻮﻓﺮ اﻻ ﻓﻲ ﺣﺎﻻت ﺟﺪ ﻧﺎدرة ﻓﻲ ﻛﻞ ﺑﻼد اﻷرض.

 

ﻫﺬا اﻟﺠﻬﻞ ﻻ ﯾﻘﺘﺼﺮ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﺤﺪﺛﺖ ﻋﻨﻪ وﻟﻜﻨﻪ ﯾﻤﺘﺪ ﺣﺘﻲ اﻟﻰ اﻟﻤﺴﺄﻟﺔ اﻟﺠﻨﺴﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺘﻤﻜﻦ اﻻ اﻟﻘﻠﺔ اﻟﻘﻠﯿﻠﺔ ﺣﺘﻰ ﻣﻦ اﻻﻃﺒﺎء اﻟﻤﺨﺘﺼﯿﻦ ﻓﻲ ﻣﺎ ﯾﺴﻤﻰ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺑﺄﻃﺒﺎء اﻷﻋﺼﺎب ﻣﻦ  اﻻﺣﺎﻃﺔ ﺑﻬﺎ ﻷن اﻷﻣﺮ ﯾﺘﻌﻠﻖ ﺑﻨﺸﺎط ﻻ ﻋﺮق وﻻ ﺷﺮﯾﺎن واﻧﻤﺎ ﺑﻤﺎ ﻫﻮ أدق ﻣﻦ ﺷﻌﺮة اﻟﺮأس اﻟﻮاﺣﺪة وﻫﻲ ﻣﻊ ذﻟﻚ   ﺗﺘﺤﻜﻢ ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺎ ﯾﺘﺼﻞ ﺑﺎﻟﻠﺬة ﺳﻮاء ﻋﻨﺪ اﻟﻤﺮأة أو اﻟﺮﺟﻞ  . وﯾﻤﻜﻦ أن ﺗﻘﻄﻊ ﻛﻞ اﻷﺟﺰاء اﻟﺘﻨﺎﺳﻠﯿﺔ ﻋﻨﺪﻫﻤﺎ وﻟﻜﻨﻚ ولكن لن

 

ﺗﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ازاﻟﺔ اﻟﺸﻌﻮر ﺑﺎﻟﻠﺬة ﻣﺎ ﻟﻢ ﺗﻘﻄﻊ ﻫﺬا ال filament اﻟﺬي ﻟﻢ أﻋﺜﺮ ﻋﻠﻰ ﺗﻌﺮﯾﺐ ﺻﺎﻟﺢ ﻟﻪ .ﻓﻬﺬا اﻟﻤﻌﺠﻢ ﯾﺘﺤﺪث ﻋﻦ  ﺣﺒﻞ وذاك ﻋﻦ ﺳﻠﻚ دﻗﯿﻖ وآﺧﺮ ﻋﻦ ﺷﻌﯿﺮة  واﻟﺬي ﯾﻤﻜﻦ ﺗﻘﺮﯾﺒﻪ ﻣﻦ اﻷذﻫﺎن ﺑﺘﺼﻮر اﻟﻤﺼﺎﺑﯿﺢ اﻟﻘﺪﯾﻤﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﻨﺎ ﻧﺴﺘﻌﻤﻠﻬﺎ واﻟﺘﻲ ﺗﻨﻄﻔﺊ ﺑﻤﺠﺮد اﺣﺘﺮاق ﻫﺬا اﻟﺤﺎﻣﻞ اﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺋﻲ اﻟﻤﺜﯿﺮ وﻟﻘﺪ ﺣﺎول ﻛﺒﺎر اﻟﺠﺮاﺣﯿﻦ أن ﯾﺘﺒﯿﻨﻮه ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻜﺘﻠﺔ اﻟﻠﺤﻤﯿﺔ  اﻟﺸﺤﻤﯿﺔ اﻟﻌﺼﺒﯿﺔ داﺧﻞ اﻟﺠﻬﺎزاﻟﺘﻨﺎﺳﻠﻲ الداخلي  ﻻ اﻟﻈﺎﻫﺮﻣﻨﻪ ﻓﻠﻢ ﯾﺼﻠﻮا اﻟﻰ ﻧﺘﯿﺠﺔ.

 دﻗﺔ  ﻫﺬا اﻟﺤﺎﻣﻞ ﻟﻠﺸﻌﻮر ﺑﺎﻟﻠﺬة ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﻧﺴﺒﺖ ﺗﺄﺛﯿﺮ ﺧﺘﻦ اﻟﺒﻨﺎت ﻋﻠﻰ ﺳﺒﯿﻞ اﻟﻤﺜﺎل ﺣﺘﻰ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﺘﻌﺮﺿﻦ ﻟﺒﺘﺮ ﺟﺰء ﻣﻦ اﻟﺒﻈﺮ لأنها أﺑﻘﺖ ﻋﻠﻰ ﺷﻌﻮرﻫﻦ ﺑﺎﻟﻠﺬة وان ﻓﻲ ﺣﺪود ﻣﻌﯿﻨﺔ. اﻟﻌﺜﻤﺎﻧﯿﻮن اﻟﺬﯾﻦ ﺣﻜﻤﻮﻧﺎ ﻓﺘﺮة ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ ﻓﻬﻤﻮا ﺑﺎﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﻣﺎ أﻗﺼﺪ : ﻫﻢ اذا اﺣﺘﺎﺟﻮا اﻟﻰ رﺟﺎل ﯾﻨﻈﻤﻮن ﺣﯿﺎة اﻟﻨﺴﺎء ﻓﻲ اﻟﺒﻼط ﻻ ﯾﺠﺘﺜﻮن ﻛﻞ اﻟﻜﺘﻠﺔ اﻟﻠﺤﻤﯿﺔ اﻟﺸﺤﻤﯿﺔ اﻟﻌﺼﺒﯿﺔ ﻷن ذﻟﻚ ﯾﻘﻮد ﺣﺘﻤﺎ اﻟﻰ ﻗﻄﻊ ﻫﺬا اﻟﺤﺎﻣﻞ اﻟﻤﺜﯿﺮ ﻟﻠﺬة وﻫﻢ ﻓﻲ ﺣﺎﺟﺔ اﻟﯿﻪ ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺎﺗﻬﻢ اﻟﻤﺜﻠﯿﺔ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﯿﻞ اﻟﻤﺜﺎل وﺑﺬﻟﻚ اﺧﺘﺎروا ﺣﻼ

وﺳﻄﺎ    أي ﻏﯿﺮ ﺟﺬري .

 

ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻗﺘﻞ اﻟﻤﺼﻠﺢ ﻣﺪﺣﺖ ﺑﺎﺷﺎ ﺳﻠﻜﻮا اﻟﻤﺴﻠﻚ اﻟﻤﻀﺎد اذ اﻗﺘﻠﻊ اﻟﺠﻼد ﻛﻞ  اﻟﻜﺘﻠﺔ اﻟﻠﺤﻤﯿﺔ اﻟﺸﺤﻤﯿﺔ اﻟﻌﺼﺒﯿﺔ ﺑﻤﺎ ﻓﯿﻬﺎ اﻟﺤﺎﻣﻞ اﻟﻤﺜﯿﺮ ﻟﻠﺬة ﻓﺒﺮد ﻓﻲ ﻣﻜﺎﻧﻪ .

 

ﻓﻲ ﺑﻼدﻧﺎ اﻟﯿﻮم ﺗﻄﺮح ﻣﺴﺄﻟﺔ اﻟﻤﺜﻠﯿﺔ وﯾﺘﺨﺬ اﻟﻨﺎس ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻤﻮﻗﻒ واﻟﻤﻮﻗﻒ اﻟﻤﻀﺎد وﻻ أﺣﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﺳﻤﻊ ﺑﻬﺬا "اﻟﺤﺎﻣﻞ اﻟﻤﺜﯿﺮ ﻟﻠﺬة" ﻓﻲ ﺣﯿﻦ أﻧﻪ اﻟﻤﺘﺤﻜﻢ  ﻓﻲ ﻛﻞ ﻣﺎ ﯾﺘﻌﻠﻖ ﺑﻨﺸﺎط اﻻﻧﺴﺎن اﻟﺠﻨﺴﻲ ﻫﻢ ﯾﺘﻨﺎﻗﺸﻮن ﺣﻮل ﻣﺎ ﯾﺮون و"اﻟﺤﺎﻣﻞ اﻟﻤﺜﯿﺮ ﻟﻠﺬة" ﻻ ﯾﺮى .

 

ﻛﺜﯿﺮ  ﻣﻤﻦ ﯾﺤﻘﺪون ﻋﻠﻰ ﻣﺎ أﻛﺘﺐ ﺣﻮل اﻟﺸﻌﺮ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻓﻲ ﺟﻬﻞ ﺗﺎم ﻟﻠﺴﺒﺐ :

ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻐﺰي ﻋﻠﻰ ﺳﺒﯿﻞ اﻟﻤﺜﺎل ﺻﺪﯾﻖ ﺗﺨﺮﺟﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﺴﻨﺔ ﻧﻔﺴﻬﺎ وﻫﻮ رﺟﻞ ﻣﺤﺐ ﻟﻠﺤﯿﺎة وﻛﻨﺖ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻠﺘﻘﻲ أذﻛﺮه داﺋﻤﺎ وﻓﻲ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻟﻬﺰل اﻟﺬي ﯾﻌﺮف أﻧﻪ ﻻ ﯾﺴﻲء اﻟﯿﻪ ﻓﻲ ﺷﻲء ﺑﻘﺼﯿﺪة ﻋﺼﻔﻮر ﯾﺴﻘﺴﻖ ﻓﻮق اﻟﺘﻞ

 

ﻫﻮ ﺷﺎﻋﺮ ﻣﺠﯿﺪ ﻣﺎ ﻣﻦ ﺷﻚ ﻓﻲ ذﻟﻚ وﻟﻜﻨﻨﻲ ﻻ أﺗﺬوق ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﺸﻌﺮ ﻷﻧﻨﻲ ﻛﻨﺖ ﻓﻲ ﻃﻔﻮﻟﺘﻲ أﻫﺮب ﻣﻦ اﻟﻤﺪﯾﻨﺔ اﻟﻰ اﻟﺨﻼء ﻻﺻﻄﯿﺎد اﻟﻌﺼﺎﻓﯿﺮ وﺣﺘﻰ اﻟﻜﺒﯿﺮة ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺎﺗﻘﺎن ﻛﺒﯿﺮ ﻟﺬﻟﻚ أﻧﺎ ﻻ أﻓﻬﻢ ﻗﺼﯿﺪة ﻣﺜﻞ ﻫﺬه ﻷن ﻫﺬا اﻟﺸﺎﻋﺮ ﯾﺼﺪر ﻓﻲ ﻣﺎ ﯾﻜﺘﺐ ﻋﻦ ﺣﺎﻟﺔ دﻣﺎغ ﯾﻨﺸﻂ ﺿﻤﻦ اﻟﺤﻮاس اﻟﺨﻤﺲ أﻣﺎ دﻣﺎﻏﻲ ﻓﻬﻮ أﻛﺜﺮ ارﺗﺒﺎﻃﺎ  ﺑﻬﺬه  اﻟﺤﺎﺳﺔ  اﻟﺘﻲ  ﻻ ﺗﻤﻜﻨﻨﻲ ﻣﻦ ﺗﺒﯿﻦ اﻟﻄﺮﯾﻖ ﺑﻮﺿﻮح ﻣﻬﻤﺎ اﺳﺘﻌﻤﻠﺖ ﻣﻦ ﻣﻌﺎﻟﻢ اﻟﻄﺮﯾﻖ .

 

ﺷﺬرة ﻣﻦ ﺣﯿﺎﺗﻲ ﻓﻲ اﻟﻤﻜﺘﺒﺔ اﻟﻮﻃﻨﯿﺔ اﻟﺘﻮﻧﺴﯿﺔ :

 

ﻗﻠﺖ اﻧﻨﻲ أﻋﺪ اﻟﻤﻜﺘﺒﺔ اﻟﻮﻃﻨﯿﺔ ﻣﺮﺿﻌﺘﻲ اﻟﺜﺎﻧﯿﺔ ﺑﻌﺪ أﻣﻲ ﻟﺬﻟﻚ ﻋﻠﻲ أن أﺗﺤﺪث ﻋﻦ اﻷﺳﺎﺗﺬة اﻟﺬﯾﻦ ﻛﻮﻧﻮﻧﻲ فيها  ﻓﻲ ﻣﯿﺎدﯾﻦ  اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ  واﻷدﺑﯿﻦ  اﻟﻌﺮﺑﻲ واﻟﻔﺮﻧﺴﻲ واﻟﻔﻬﺮﺳﺔ ﺑﺎﻟﻌﺮﺑﯿﺔ واﻟﻔﺮﻧﺴﯿﺔ ﺧﺎﺻﺔ أن ﺗﻜﻮﯾﻨﻲ ﻓﻲ ﻣﯿﺪان اﻟﻔﻬﺮﺳﺔ أﺛﺮ ﺣﺘﻰ ﻓﻲ أﻃﺮوﺣﺔ اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﺘﻲ ﻛﺘﺒﺘﻬﺎ ﻻ ﺣﻘﺎ واﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﻌﺪ ﻓﻲ ﺗﺮﺗﯿﺐ    ﻓﺼﻮﻟﻬﺎ ﻣﺎ ﺗﻌﻠﻤﺘﻪ ﻓﻲ دروﺳﻲ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﺠﺎل فأنا اﻛﺘﻔﯿﺖ ﺑﺘﻄﺒﯿﻖ ﻣﺎ  ﻋﻠﻤﺖ  ﻃﯿﻠﺔ  اﻟﺴﻨﻮات  اﻟﺜﻼث  اﻟﺘﻲ  ﻗﻀﯿﺘﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﻜﺘﺒﺔ اﻟﻮﻃﻨﯿﺔ .

 

اﻟﻤﻜﺘﺒﺔ اﻟﻮﻃﻨﯿﺔ اﻟﺘﻮﻧﺴﯿﺔ ﻫﻲ اﻧﺠﺎز ﻣﻦ اﻧﺠﺎزات ﻣﺜﻘﻒ ﺗﻮﻧﺴﻲ ﺗﺪﯾﻦ ﻟﻪ ﻫﺬه اﻟﺒﻼد ﺑﺎﻟﻜﺜﯿﺮ اﻟﻜﺜﯿﺮ وﻫﻮ ﻋﺜﻤﺎن اﻟﻜﻌﺎك اﻟﺬي ﻟﻢ أﻋﺮﻓﻪ ﻣﻌﺮﻓﺘﻲ ﺑﻤﻦ ﺧﻠﻔﻪ ﻣﺤﺎﻓﻈﺎ ﻟﻠﻤﻜﺘﺒﺔ اﻟﻮﻃﻨﯿﺔ ﺑﯿﻦ 1965 و 1971 وﻫﻮ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺮزﻗﻲ اﻟﻤﺒﺮز ﻓﻲ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ. وأﻧﺎ  ﻟﻦ أﺗﺤﺪث ﻋﻨﻪ وﻋﻦ ﻏﯿﺮه اﻻ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺎ اﺣﺘﻔﻆ دﻣﺎﻏﻲ ﺑﺎﻧﻄﺒﺎﻋﺎت ﻋﻨﻪ ﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻬﺎ ﺑﺎﻟﻜﺘﺎﺑﺎت اﻟﺼﺤﻔﯿﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ أﻗﺮؤﻫﺎ اﻟﺒﺘﺔ ﻷﻧﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻐﺎﻟﺐ ﻣﺰﯾﻔﺔ ﺗﻤﺎﻣﺎ أو ﺧﺎﺿﻌﺔ ﻟﻔﻜﺮة "اذﻛﺮوا أﻣﻮاﺗﻜﻢ ﺑﺨﯿﺮ" وﻫﻲ ﻓﻜﺮة ﺿﺎرة ﺑﻞ ﺷﺪﯾﺪة اﻟﻀﺮر لأن اﻷﻣﻮات ﻛﺎن ﻋﺪد ﻣﻨﻬﻢ ﺧﯿﺮا ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺸﺮ وﻛﺎن آﺧﺮون ﻣﺠﺮﻣﯿﻦ ﻓﻜﺮا وﻣﻤﺎرﺳﺔ وﻛﻞ ﻣﻦ أﻛﺘﺐ ﻋﻨﻬﻢ أﻟﺘﺰم ﺑﺄﻣﺮ واﺣﺪ ﻫﻮ أن ﻻ أﻇﻠﻢ أﺣﺪا ﻣﻨﻬﻢ ﺑﺪاﻓﻊ اﻟﺘﺸﻔﻲ ﻓﻲ اﻟﻨﺎس ﺣﺘﻰ  ﺑﻌﺪ  ﻣﻮﺗهم ولقد ﺳﺒﻖ أن ﺗﺤﺪﺛﺖ ﻋﻦ اﻧﻄﺒﺎﻋﺎت ﻻ ﻋﻦ ﺣﻘﺎﺋﻖ ﻷﻧﻨﻲ أﺟﻬﻞ ﻣﺎ ﺗﻜﻦ اﻟﺼﺪور.

 

ﻋﺮﻓﺖ أﺳﺘﺎذي ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺮزﻗﻲ ﻣﺤﺎﻓﻆ اﻟﻤﻜﺘﺒﺔ اﻟﻮﻃﻨﯿﺔ أﺳﺘﺎذا  درﺳﻨﻲ  اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ أﻧﺎ ﺣﺎﻓﻆ اﻟﻘﺮآن ﻣﻨﺬ ﺳﻦ اﻟﺴﺎﺑﻌﺔ ﺑﻞ أﺟﯿﺪ ﺗﺮﺗﯿﻠﻪ ﺑﺎﻟﻨﻄﻖ اﻟﺼﺤﯿﺢ واﻟﺘﻤﯿﯿﺰ ﺑﯿﻦ ﺣﺘﻰ ﺑﯿﻦ ﻣﻦ ﯾﺮﺗﻠﻮﻧﻪ ﻓﻠﻢ أر  واﺣﺪا ﻣﻨﻬﻢ ﻻ ﯾﻤﯿﺰ ﺑﯿﻦ ال à و الè . وﻟﻘﺪ ﺧﺎﺻﻤﻨﻲ ﻣﺴﺎﻋﺪ  ﻓﻲ  اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ  ﺳﺄﺗﺤﺪث  ﻋﻨﻪ  ﻻﺣﻘﺎ درﺳﻨﻲ ﻓﻲ اﻟﺴﻨﺔ الأولى الجامعية كان لا يميز بينهما  مما كان يدفعني الى الابتسام كلما سمعته يذكر كلمة "ناقد" على سبيل المثال بشكل لا يقبله أي  مستشرق مبتدئ فكان ذلك أصل خصومة بيننا

 

 

ﻫﺪدﻧﻲ ﺑﺄن ﯾﺴﻨﺪ اﻟﻲ ﺻﻔﺮا ﻓﻲ اﻻﻣﺘﺤﺎن ﻓﻐﺎدرت اﻟﻘﺎﻋﺔ وﻛﺘﺒﺖ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﻮر رﺳﺎﻟﺔ اﻟﻰ اﻟﻌﻤﯿﺪ الطالبي ﻗﻠﺖ ﻓﯿﻬﺎ ان ﻫﺬا " اﻟﻤﺨﻠﻮق " ﻻ ﯾﺴﺘﺄﻫﻞ اﻟﺘﺪرﯾﺲ ﻓﻲ اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ولم أحضر في ما بعد أي  درس  ﻣﻦ  دروﺳﻪ  ﻃﯿﻠﺔ  دراﺳﺘﻲاﻟﺠﺎﻣﻌﯿﺔ.

 

ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺮزﻗﻲ ﻻ ﻋﻼﻗﺔ ﻟﻪ ﺑﻬﺬا اﻟﺮﻫﻂ ﻣﻦ اﻷﺳﺎﺗﺬة لأنه ﻛﺎن ﺻﻠﺐ اﻟﺘﻜﻮﯾﻦ ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺘﯿﻦ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ واﻟﻔﺮﻧﺴﯿﺔ وﻗﺪ اﻗﺘﺼﺮت  دروﺳﻪ  ﻋﻠﻰ  ﺗﻌﻠﯿﻤﻨﺎ  ﻛﻞ ﻣﺎ ﯾﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻻﺷﺘﻘﺎق ﻣﻦ ﺧﻼل اﺳﺘﻌﻤﺎل اﻷﺷﻜﺎل اﻟﻬﻨﺪﺳﯿﺔ اﻧﻄﻼﻗﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﺜﻠﺚ اذ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻋﺪاه ﯾﺮﺟﻊ اﻟﻰ اﻷﺻﻞ اﻟﺜﻼ ﺛﻲ وﻗﺪ ﻛﺎن ﯾﻜﺜﺮ ﻣﻦ اﻷﻣﺜﻠﺔ اﻟﻤﻔﯿﺪة ﻟﻠﻄﻠﺒﺔ وﻟﻜﻨﻬﺎ  ﻟﻢ  ﺗﻔﺪﻧﻲ  ﺷﺨﺼﯿﺎ  ﻓﻲ  ﺷﻲء  ﻟﻤﺎ ذﻛﺮت ﻣﻦ ﺗﻜﻮﯾﻨﻲ اﻟﻘﺮآﻧﻲ اﻷﺻﻠﻲ.

 

  ﺻﺎدﻓﺖ  ﻓﻲ ﺑﺎب البحر اﺳﺘﺎذي اﻟﻘﺪﯾﻢ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺮزﻗﻲ ﺳﻨﺔ 1969 ان لم تخني الذاكرة  ﻓﺴﺄﻟﻨﻲ  ﻋﻦ  وﺿﻌﻲ  ﻓﻘﻠﺖ  ﻟﻪ اﻧﻨﻲ ﻃﺎﻟﺐ ﻓﻲ ﻛﻠﯿﺔ اﻵداب         ﺛﻢ رأﯾﺘﻪ آﺧﺮ       ﻣﺮة      ﻓﻲ       ﻛﻠﯿﺔ      ﻣﻨﻮﺑﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ       اﻟﺘﺤﻘﺖ ﺑﺎﻟﺠﺎﻣﻌﺔ وﻟﻘﺪ ﺑﻘﻲ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻛﺎن ﺳﺎﺑﻘﺎ ﻣﺨﺘﺼﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﺮﺟﻤﺔ.

 

ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺮزﻗﻲ "أرﺳﺘﻘﺮاﻃﻲ" اﻟﺴﻠﻮك ﻣﻬﺬب اﻟﻰ أﻗﺼﻰ ﺣﺪ ﻗﻠﯿﻞ اﻟﻜﻼم ﻟﻢ أره ﻓﻲ ﻣﺪﺧﻞ اﻟﻤﻜﺘﺒﺔ اﻻ ﻗﻠﯿﻼ وﻟﺬﻟﻚ ﺑﻘﻲ ﻋﻠﻰ ﺟﻬﻞ  ﺗﺎم ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﯾﺤﺪث ﻓﯿﻬﺎ أﻣﺎ أﻧﺎ ﻓﯿﻤﻜﻦ اﻋﺘﺒﺎري ﻣﺮﺟﻌﺎ   ﻓﻲ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ وان ﻛﻨﺖ ﺣﺮﯾﺼﺎ ﻋﻠﻰ اﻻ أﺗﻌﺮض ﻟﻐﯿﺮ ﻣﺎ ﯾﻔﯿﺪ ﻣﻮﺿﻮﻋﻲ ﺧﺎﺻﺔ أﻧﻨﻲ أﻣﻘﺖ ﻣﻦ ﯾﻘﯿﻢ ﻋﻼﻗﺔ ﺣﻤﯿﻤﯿﺔ ﺛﻢ ينشرها ﺣﺘﻰ ﻋﻨﺪ اﻟﻤﻘﺮﺑﯿﻦ ﻣﻨﻪ ﻷﺳﺒﺎب أﻋﺘﺒﺮﻫﺎ ﻣﺮﺿﯿﺔ وﺿﺎرة اذ ﻻ ﺣﻖ ﻷي ﻛﺎن ﻓﻲ أن ﯾﻤﺲ  ﺑﺎﻟﻤﺴﺎﺋﻞ اﻟﺤﻤﯿﻤﯿﺔ ﻋﻨﺪ ﻛﻞ واحد ﻣﻨﺎ .

 

 أﺳﺘﺎذ  ﺛﺎن ﺗﻠﻘﯿﺖ ﻋﻨﻪ دروﺳﺎ ﻓﻲ اﻟﺨﻂ وﻫﻮ ﯾﺸﺒﻪ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺮزﻗﻲ ﻓﻲ ﺳﻠﻮكه"اﻵرﺳﺘﻘﺮاﻃﻲ" وان كان  ظاهر الافتعال ﻫﻮ اﺑﺮاﻫﯿﻢ ﺷﺒﻮح اﻟﺬي  ﻛﺎن  ﻻ  ﯾﻘﺘﺮب ﻣﻦ اﻟﺘﻼﻣﯿﺬ ﺑﻞ ﯾﻜﻔﻲ أي ﺳﻠﻮك ﯾﺮاه ﻣﺨﻼ ﺑﻨﻈﺮﺗﻪ اﻟﻰ اﻷﺧﻼق ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻛﺎن ﯾﺮاﻫﺎ ﻟﻨﺒﺬه ﻧﻬﺎﺋﯿﺎ وأﻧﺎ ﻟﻦ أﻃﯿﻞ اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﻨﻪ ﻷن ﺗﻔﻜﯿﺮي ﺑﻌﯿﺪ ﻋﻦ ﺗﻔﻜﯿﺮه ﺑﻌﺪ اﻟﺴﻤﺎء ﻋﻦ اﻵرض.

 

أﻣﺎ  أﺳﺘﺎذي  ﻓﻲ  اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ  ﻓﻬﻮ اﻟﺘﻮزري اﻷﺻﻞ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﺼﺎﻟﺢ اﻟﻤﻬﯿﺪي (1902-1969) وﻫﻮ رﺟﻞ ﻛﺎن ﻟﻪ ﻧﺸﺎط ﻛﺒﯿﺮ ﻓﻲ  اﻟﺤﺮﻛﺔ  اﻟﺘﺠﺪﯾﺪﯾﺔ  ﻓﻲ  ﺗﻮﻧﺲ  وﻫﻮ  رﺟﻞ  رﺻﯿﻦ وﻟﻜﻨﻪ ﻛﺎن ﻓﻲ داﺧﻠﻪ ﺷﻌﻠﺔ وﻃﻨﯿﺔ ﻣﻠﺘﻬﺒﺔ .

 

ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻔﺎﻧﻲ واﻟﺪ ﺳﯿﺪة أﺛﺎرت ﺿﺠﺔ ﻓﻲ ﺗﻮﻧﺲ ﻷﺳﺒﺎب ﻻ ﺗﻬﻤﻨﻲ ﻛﺎن ﻣﺨﺘﺼﺎ          ﻓﻲ       ﻓﻬﺮﺳﺔ   اﻟﻜﺘﺐ ﻏﯿﺮ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ وﻛﺎن رﺟﻼ ﺟﺪﯾﺎ ﻣﻨﻀﺒﻄﺎ اﻟﻰ أﻗﺼﻰ ﺣﺪ ﺣﺘﻰ أﻧﻨﻲ ﻟﻢ أره اﻻ ﻓﻲ أوﻗﺎت ﺟﺪ ﻣﺤﺪودة وﻫﻮ ﻟﻢ ﯾﺮﺗﺒﻂ ﺑﺄي ﻋﻼﻗﺔ ﺑﺎﻟﺘﻼﻣﯿﺬ ﻋﻠﻰ ﻋﻜﺲ أﺳﺘﺎذي              اﻟﻤﻔﻬﺮس ﻣﺎﺟﻮل  اﻟﻤﺘﺨﺮج ﻣﻦ ﻣﺼﺮ واﻟﺬي ﻛﺎن ﯾﻤﯿﻞ اﻟﻲ ﻣﯿﻼ ﺷﺪﯾﺪا وﯾﺼﺮ ﺣﺘﻰ ﻋﻠﻰ دﻋﻮﺗﻲ زﯾﺎرﺗﻪ ﻓﻲ ﺑﯿﺘﻪ ﻋﻨﺪﻣﺎ    ﯾﺤﻞ اﻟﺼﯿﻒ       اﻟﺬي ﻻ ﯾﺘﺤﻤﻠﻪ     واﻟﺬي    ﯾﺠﺒﺮه ﻋﻠﻰ     اﻟﺒﻘﺎء ﻓﯿﻪ ﻻ ﯾﻐﺎدره اﻟﻰ اﻟﻌﺎﺻﻤﺔ وﻫﻮ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ

ﯾﺸﺒﻬﻨﻲ ﺷﺒﻬﺎ ﺗﺎﻣﺎ ﻣﻦ دون أن أﻋﺮف اﻟﺴﺒﺐ.

 

آﻧﺴﺔ  ﻓﺮﻧﺴﯿﺔ ﻫﻲ اﻵﻧﺴﺔ ﻟﻮﻓﯿﻔﺮ اﻟﺘﻲ أﻓﺎدﺗﻨﻲ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﻔﻬﺮﺳﺔ ﻻ ﺑﺎﻟﺘﺘﻠﻤﺬ وﻟﻜﻦ ﺑﺴﻠﻮﻛﻬﺎ المنضبط الى حد يدعو الى العجب ولقد سبق أن تحدثت عنها وقلت انني أحببتها من دون نتيجة وأنا أعود الى ذكرها لأنني وصفتها في  روايتي "المتشابهون" وان بتصرف أدبي يمزج بين الحقيقة والخيال .

 

هل أن شفروت هو أنا  والآنسة لوفيفر هي سارة ؟

لست أدري في الحقيقة ولكنني أقول انني  أدعو لها بالرحمة لاعتقادي أنه يصعب أن تكون  اليوم على قيد الحياة .

 

 

 شذرة حياتي في كلية 9 أفريل

 

لم يفعل حمادي بن حليمة عند  اعادة توجيهي غير الاستجابة لرغبتي.

 

ﻫﺬا اﻷﺳﺘﺎذ ﻟﻦ أﺗﺤﺪث ﻋﻨﻪ اﻻ ﻓﻲ ﻣﺴﺄﻟﺔ ﻣﺨﺎﺻﻤﺔ واﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺎﻋﺪﯾﻦ ﻫﻮ ﻣﺤﻤﺪ رﺷﺎد اﻟﺤﻤﺰاوي ﻷن ﺣﻤﺎدي ﺑﻦ ﺣﻠﯿﻤﺔ ﻗﺮف ﻣﻨﺬ وﻗﺖ ﻣﺒﻜﺮ ﻣﻦ اﻟﻘﺴﻢ ﻓﻜﺎن ﯾﺨﺘﺎر داﺋﻤﺎ أن ﯾﺪرس اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ ﻟﻄﻠﺒﺔ ﻣﻦ ﻏﯿﺮ ﻫﺬا اﻟﻘﺴﻢ وأﻧﺎ أﻋﺘﻘﺪ أن ﻫﺬا اﻟﻘﺮار ﻛﺎن ﻧﺘﯿﺠﺔ ﺗﻘﯿﯿﻢ ﺻﺤﯿﺢ ﻟﻤﺎ ﺗﺘﻀﻤﻨﻪ ﺑﺮاﻣﺞ اﻟﻘﺴﻢ ﺑﻞ ﻃﻠﺒﺘﻪ .

 

 وﻃﯿﻠﺔ  ﻓﺘﺮة ﺗﺪرﯾﺴﻲ ﻓﻲ ﻛﻠﯿﺔ اﻵداب ﻛﻨﺖ أﻻﺣﻆ أﻧﻪ وأﻧﺎ أﻟﺘﺤﻖ ﺑﻘﺴﻤﻲ ﯾﺘﺎﺑﻌﻨﻲ ﺑﺎﻟﻨﻈﺮ ﻷن ذاﻛﺮﺗﻪ اﺣﺘﻔﻈﺖ ﻣﺎ ﻣﻦ ﺷﻚ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﺑﻔﻜﺮة ﻋﻦ ﻫﺬه اﻟﺨﺼﻮﻣﺔ  وﻟﻘﺪ أﻛﺪ ﻫﺬا اﻷﻣﺮ زﻣﯿﻠﻲ الرصين المنصف اﻟﺠﺰار ﺑﻌﺪ زﻣﻦ ﻃﻮﯾﻞ.

 

ﻣﺤﻤﺪ رﺷﺎد اﻟﺤﻤﺰاوي وﻟﯿﺪ ﺗﺎﻟﺔ ﻣﻦ وﻻﯾﺔ اﻟﻘﺼﺮﯾﻦ وﻟﺪ ﺳﻨﺔ   1934  وﺗﻌﺜﺮت دراﺳﺘﻪ ﻷﺳﺒﺎب ﻻ ﺗﻬﻤﻲ ﻓﻲ ﺷﯿﺊ وﻟﻢ ﯾﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ اﻻﺟﺎزة وﻓﻲ ﻓﺮﻧﺴﺎ اﻻ أي ﻓﻲ ﺳﻦ ال   24   ﻣﻤﺎ ﯾﻌﻨﻲ اﻟﻜﺜﯿﺮ ﻋﻨﺪي لأنني رغم ما تعرضت له من صعوبات مادية واجتماعية حصلت على الأستاذية   في سن مماثلة.

 

أﻣﺎ ﻣﺤﻤﺪ رﺷﺎد اﻟﺤﻤﺰاوي ﻓﻠﻢ ﯾﻼق أﯾﺔ ﺻﻌﻮﺑﺔ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﺠﺎل ﻛﺎن ﯾﻨﺘﻤﻲ اﻟﻰ ﻋﺎﺋﻠﺔ ﻗﺼﺮﯾﻨﯿﺔ "ﻣﺘﺪﯾﻨﺔ" ﻧﺸﻂ ﻋﺪد ﻣﻦ أﻓﺮادﻫﺎ ﻓﻲ ﻣﺠﺎل ﺗﻮﺛﯿﻖ اﻟﻌﻘﻮد اﻟﺸﺮﻋﯿﺔ وﻫﺬا اﻟﻨﺸﺎط ﻣﻜﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﻜﺎﻧﺔ اﺟﺘﻤﺎﻋﯿﺔ ﯾﺼﻌﺐ ﺗﺼﻮر  ﺗﺄﺛﯿﺮﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻮﺳﻂ اﻟﻘﺼﺮﯾﻨﻲ آﻧﺬاك

 

ﻻ ﯾﻬﻤﻨﻲ أن أﺗﻌﺮض ﻟﺤﯿﺎﺗﻪ ﻓﻲ ﻓﺮﻧﺴﺎ أو ﻫﻮﻻﻧﺪا ﻷﻧﻪ ﻻ أﺣﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﺎس ﯾﻤﻜﻦ أن ﯾﻘﺘﺮب ﻣﻨﻬﺎ وﻟﻮ ﻗﻠﯿﻼ وأﻧﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ أﺗﺤﺪث ﻋﻨﻪ ﻓﺄﻧﺎ اﺳﺘﻨﺪ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ رأﯾﺖ وﺳﻤﻌﺖ ﺳﻨﺔ 1969.

 

ﻟﻘﺪ رأﯾﺘﻪ وﻫﻮ ﻓﻲ ﺳﻦ ال 35 ﻻ ﯾﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ ﺗﻜﻮﯾﻦ ﺟﻤﻠﺔ ﻋﺮﺑﯿﺔ ﻃﻮﯾﻠﺔ ﺳﻠﯿﻤﺔ ﺣﺘﻰ ﻻ أﺗﺤﺪث ﻋﻦ ﻧﻄﻖ اﻟﺤﺮوف اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ  وﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻐﯿﺐ ﻟﺒﻌﺾ دﻗﺎﺋﻖ أﺛﻨﺎء اﻟﻘﺎء درس أﻣﺎم ﻣﺌﺎت اﻟﻄﻠﺒﺔ اﻟﺠﺪد ﻓﻌﻤﺪ   ﺑﻌﻀﻬﻢ  اﻟﻰ  ﺑﻌﺜﺮة  أوراﻗﻪ  ﻟﻢ  ﯾﺘﻤﻜﻦ  ﻣﻦ  ﻣﻮاﺻﻠﺔ "درﺳﻪ" اﻻ ﺑﺼﻌﻮﺑﺔ ﻛﺒﯿﺮة.

 

ﻓﻲ ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة ﻛﺎن ﯾﻌﺘﺒﺮ ﻧﻔﺴﻪ ﻛﺎﺗﺒﺎ رواﺋﯿﺎ ﻷﻧﻪ ﻛﺘﺐ " ﺑﻮدودة ﻣﺎت " وﻛﺎن ﻣﯿﺎﻻ اﻟﻰ اﻻﻛﺜﺎر ﻣﻦ اﻟﻨﻜﺖ اﻟﻌﺸﻮاﺋﯿﺔ ﻣﻦ دون أن ﯾﺨﻄﺮ ﺑﺒﺎﻟﺔ أن اﻟﻨﻜﺘﺔ ﺣﺎﻣﻠﺔ دﻻﻟﺔ ﻋﻠﻰ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ لأنه ﯾﻮﺟﺪ ﻣﻨﻬﺎ ﻣﺎ ﯾﻤﻜﻨﻚ ﻣﻦ اﻟﻨﻔﺎذ اﻟﻰ ﺣﻘﺎﺋﻖ ﻻ ﯾﻜﺬﺑﻬﺎ

 

اﻟﺰﻣﻦ ﻣﻬﻤﺎ ﺗﻐﯿﺮ وﯾﻮﺟﺪ ﻣﻨﻬﺎ  ما ﯾﻜﺮﻫﻚ ﻓﻲ اﻟﻜﺎﺗﺐ وﻣﺎ ﯾﻜﺘﺐ وﻣﺤﻤﺪ رﺷﺎد اﻟﺤﻤﺰاوي ﺻﺎﺣﺐ ﻧﻜﺘﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﻮع اﻟﺜﺎﻧﻲ .

 

ﻛﺎن ﻋﻨﺪﻣﺎ "ﯾﻨﻜﺖ" ﯾﺮاﻗﺐ ردود اﻟﻄﻠﺒﺔ اﻟﺠﺪد ﻋﻠﯿﻬﺎ ﻓﻜﻨﺖ أﻧﺎ وﻃﺎﻟﺐ أﺧﺮ ﺣﺮﯾﺺ ﻋﻠﻰ ﻣﺠﺎﻟﺴﺘﻲ اﺳﻤﻪ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻨﻔﺰاوي وﻫﻮ ﺑﻮﺳﺎﻟﻤﻲ أﺻﺒﺢ   ﻓﻲ ﻣﺎ ﺑﻌﺪ ﻣﺴﺆوﻻ ﺣﺰﺑﯿﺎ دﺳﺘﻮرﯾﺎ ﻣﻌﺮوﻓﺎ ﻋﺎﺟﺰﯾﻦ ﻋﻦ " اﻟﺘﻔﺎﻋﻞ " ﻣﻊ ﻧﻜﺘﻪ .

 

اﺗﺠﻬﻪ    ﻣﺒﺎﺷﺮة اﻟﻲ ﻓﻲ ﻣﺆﺧﺮة اﻟﻘﺴﻢ وﻗﺎل ﻣﺎ ﻣﻌﻨﺎه : ﻫﻞ أﻧﺖ ﺗﺠﻠﺲ ﻓﻲ ﻣﺆﺧﺮة اﻟﻘﺴﻢ ﻷن ﻧﻔﺰاوة ﺗﻘﻊ ﻓﻲ اﻟﺠﻨﻮب ؟

ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻨﻔﺰاوي ﺑﻘﻲ ﺣﺠﺮا ﺻﺎﻣﺘﺎ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻛﺎن وﺳﯿﺒﻘﻲ أﻣﺎ أﻧﺎ ﻓﻘﺪ رددت ﻋﻠﯿﻪ ﺳﺎﺋﻼ :

ﻫﻞ ﻫﺬا ﺟﺰء ﻣﻦ ﺑﻼﻏﺘﻚ ﻓﻲ " ﺑﻮدودة ﻣﺎت " ؟

 

انتفض رﺷﺎد اﻟﺤﻤﺰاوي وﺻﺮخ ﻓﻲ وﺟﻬﻲ :

ﺳﺘﻨﺎل ﺻﻔﺮا ﻓﻲ اﻻﻣﺘﺤﺎن !

وﻃﻠﺐ ﻣﻦ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻨﻔﺰاوي أن ﯾﺬﻛﺮه ﺑﺎﺳﻤﻲ ﺣﺘﻰ ﻻ ﯾﺨﻠﻂ بيننا عند الاصلاح .

 

ﻏﺎدرت  اﻟﻘﺎﻋﺔ وﻛﺘﺒﺖ رﺳﺎﻟﺔ  اﻟﻰ ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻄﺎﻟﺒﻲ وﺻﻔﺖ ﻓﯿﻬﺎ اﻟﺤﺎدﺛﺔ ﻣﺘﺴﺎﺋﻼ : ﻛﯿﻒ ﯾﻤﻜﻦ أن ﺗﻌﯿﻦ اﻟﻮزارة ﻣﺪرﺳﺎ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺮﻫﻂ ﻓﻲ ﺳﻠﻚ اﻟﺘﻌﻠﯿﻢ اﻟﺠﺎﻣﻌﻲ ؟

 

ﻟﻢ أره ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ اﻻ ﻓﻲ اﻟﺤﻤﺎﻣﺎت وﻛﺎن ﻣﺸﺮﻓﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻬﺮﺟﺎن أو ﺷﯿﺌﺎ  ﻣﻦ  ﻫﺬا  اﻟﻘﺒﯿﻞ  وﻋﻨﺪﻣﺎ  وﻗﻌﺖ  ﻋﯿﻨﺎه  ﻋﻠﻲ اﻧﺘﻔﺾ اﻧﺘﻔﺎﺿﺔ ذﻛﺮﺗﻨﻲ ﺑﺎﻧﺘﻔﺎﺿﺘﻪ اﻟﺴﺮدوﻛﯿﺔ ﺳﻨﺔ 1969 .

ﻛﯿﻒ ﯾﻤﻜﻦ اﻧﻬﺎء اﻟﺤﺪﯾﺚ ﻋﻦ ﻫﺬا " اﻷﺳﺘﺎذ " ؟

 

ﻟﻘﺪ ﺗﺴﺎءﻟﺖ ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﯾﺔ ﻋﻤﺎ ﻛﺎن ﯾﺮﺑﻄﻪ ﺑﺎﻟﻨﻔﺰاوي اﻟﺮﺻﯿﻦ اﺑﺮاﻫﯿﻢ ﺑﻦ ﻣﺮاد اﻟﺬي اﺷﺘﻐﻞ ﻣﻌﻪ ﻓﻲ ﻣﯿﺪان اﻟﻤﻌﺠﻤﯿﺔ ﻣﺪة ﻃﻮﯾﻠﺔ رﻏﻢ اﺧﺘﻼف ﺗﻜﻮﯾﻨﻬﻤﺎ اﺧﺘﻼﻓﺎ ﺗﺎﻣﺎ وﻟﻘﺪ وﺻﻠﺖ اﻟﻰ ﻧﺘﯿﺠﺔ أن اﺑﺮاﻫﯿﻢ ﺑﻦ ﻣﺮاد ﻟﻢ ﯾﻜﻦ ﯾﻬﺘﻢ ﺑﺎﻟﻤﺴﺎﺋﻞ اﻟﺴﯿﺎﺳﯿﺔ ﻋﻠﻰ ﻋﻜﺲ ﺻﺎﺣﺒﻪ اذ اﻗﺘﺼﺮت ﻋﻼﻗﺘﻬﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﯿﺪان اﻟﺒﺤﺚ   ﻓﯿﻬﺎ ﻓﺎﻣﺘﺪت ﺗﺒﻌﺎ ﻟﺬﻟﻚ ﻋﻼﻗﺘﻬﻤﺎ أﻣﺎ ﻫﻮ ﻓﻘﺪ ﻛﺎن ﻃﻤﻮﺣﺎ ﺳﯿﺎﺳﯿﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺿﻌﻒ ﺗﻜﻮﯾﻨﺔ اﻟﺴﯿﺎﺳﻲ وﻫﺬا ﻣﺜﺎل ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ أﻃﻠﺐ ﻣﻤﻦ ﻗﺪ ﯾﻜﺬﺑﻨﻲ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﺠﺎل أن ﯾﻜﺬﺑﻨﻲاﻵن  ﻗﺒﻞ اﻟﻐﺪ وﻓﻲ   ﺑﻘﯿﺔ ﺣﯿﺎة اﻟﺮﺟﻞ :

 

 أرﺳﻞ اﻟﻰ زﻣﯿﻠﻲ ﻧﻮري ﻋﺒﯿﺪ ﻓﻲ ﻗﺴﻢ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ وﻫﻮ ﻣﺆﺳﺲ دارﻧﺸﺮ         ﻣﺤﻤﺪ    ﻋﻠﻲ     اﻟﺤﺎﻣﻲ   ﻓﻲ ﺻﻔﺎﻗﺲ رﺳﺎﻟﺔ ﻟﻨﺸﺮ ﻻ أدري ﻣﺎذا ﻛﺘﺐ ﻓﻲ ﻇﺮﻓﻬﺎ " اﻟﻰ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ اﻟﺤﺎﻣﻲ ﺣﻔﻈﻪ اﷲ" ﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ اﻟﺤﺎﻣﻲ ﻣﺎت ﺳﻨﺔ 1928 .

ﺳﺄﺻﻤﺖ !

 

ﻣﺴﺎﻋﺪ   ﺟﺎﻣﻌﻲ   ﺷﺒﯿﻪ     ﺑﻤﺤﻤﺪ   رﺷﺎد    اﻟﺤﻤﺰاوي اﺻﻄﺪﻣﺖ ﺑﻪ اﺻﻄﺪاﻣﻲ اﻟﺤﻤﺰاوي ﻫﻮالمساعد  اﻟﻤﻨﺠﻲ اﻟﺸﻤﻠﻲ ﻷﺳﺒﺎب ﻗﺮﯾﺒﺔ ﻣﻤﺎ ذﻛﺮت ﻋﻦ اﻟﺤﻤﺰاوي.

 

اﻟﻤﻨﺠﻲ اﻟﺸﻤﻠﻲ (1931-2016) وﻟﺪ ﻓﻲ ﻋﺎﺋﻠﺔ  قصرهلالية ﻣﺘﻮاﺿﻌﺔ ﺟﺪا ﻣﻤﺎ ﺳﺒﺐ ﻟﻪ ﺻﻌﻮﺑﺎت ﻓﻲ اﻟﻤﺪرﺳﺔ وﻟﻬﺬا اﻟﺴﺒﺐ ﻟﻢ ﯾﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﺪراﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺪرﺳﺔ اﻟﺼﺎدﻗﯿﺔ ﻓﺎﺿﻄﺮ اﻟﻰ اﻻﻟﺘﺤﺎق ﺑﻤﺪرﺳﺔ ﺗﺮﺷﯿﺢ ﻣﻌﻠﻤﯿﻦ ﯾﻌﺮﻓﻬﺎ اﻟﺘﻮﻧﺴﯿﻮن ﺑﺎﺳﻢ اﻟﻤﻌﻬﺪ اﻟﻌﻠﻮي ﻧﺴﺒﺔ اﻟﻰ اﻟﺒﺎي ﻋﻠﻲ ﺑﺎي اﻟﺜﺎﻟﺚ وﻗﺪ أﺳﺴﺘﻬﺎ اﻻدارة اﻟﻔﺮﻧﺴﯿﺔ  ﻣﻨﺬ  1884   ﻟﺤﺎﺟﺘﻬﺎ  اﻟﻰ  اﻟﻤﻌﻠﻤﯿﻦ  اﻟﻔﺮﻧﺴﯿﯿﻦ واﻟﺘﻮﻧﺴﯿﯿﻦ.

وﻟﻮ  ﺗﺠﺮأ  أي واﺣﺪ ﻓﺬﻛﺮ ﺷﯿﺌﺎ ﻋﻦ ﺗﻜﻮﯾﻨﻪ ﻓﻲ ﻫﺬه اﻻﻋﺪادﯾﺔ ﻟﻘﺼﻔﻪ ﺑﺎﻟﺼﻮاﻋﻖ .

 

ﻫﻮ ﻫﻨﺎ ﯾﻨﺎﻗﻀﻨﻲ أﻧﺎ ﺗﻤﺎﻣﺎ ﻷﻧﻨﻲ ﻻ أﺣﺮص ﻋﻠﻰ اﺧﻔﺎء أي ﺷﻲء ﻓﻲ ﺣﯿﺎﺗﻲ ﺑﻞ أﻋﺘﺒﺮ أن اﻟﺼﻌﻮﺑﺎت اﻟﺘﻲ اﻋﺘﺮﺿﺘﻨﻲ  ﯾﺠﺐ  أن  ﺗﺴﺠﻞ ﻓﻲ رﺻﯿﺪي اﻻﯾﺠﺎﺑﻲ ﻷن ﻗﯿﻤﺔ اﻻﻧﺴﺎن اﻟﺤﻘﯿﻘﯿﺔ ﻻ ﺗﻈﻬﺮ اﻻ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﺎ ﺑﺬل ﻣﻦ ﺟﻬﺪ ﻟﻠﺨﺮوج ﻣﻦ

وﺿﻊ اﻟﻰ وﺿﻊ أﻓﻀﻞ.

اﻟﻤﻨﺠﻲ اﻟﺸﻤﻠﻲ ﺣﺼﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺒﺮﯾﺰ ﻓﻲ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺳﻨﺔ 1959 أي ﻓﻲ ﻋﻤﺮ 28 ﺳﻨﺔ و ﻓﻲ أي اﺧﺘﺼﺎص ؟ ﻓﻲ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ . وﻣﻌﺮوف أن اﻟﻔﺮﻧﺴﯿﯿﻦ ﻛﺎﻧﻮا ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة ﻣﻦ أﺷﺪ اﻟﻨﺎس ﺻﺮاﻣﺔ ﻓﻲ ﻣﻨﺢ ﺷﻬﺎدة اﻟﺘﺒﺮﯾﺰ ﻟﻤﻮاﻃﻨﯿﻬﻢ ﺧﺎﺻﺔ أﻧﻬﺎ ﺷﻬﺎدة ﺗﺘﺤﻜﻢ ﻓﻲ ﻣﺼﯿﺮ ﺗﻼﻣﯿﺬ اﻟﺜﺎﻧﻮﯾﺔ  كما أنهم يطبقونها في الاختصاصات الطبية والعلمية ولذلك لم يتمكن طالب تونسي أقدره  هو محمد اليعلاوي من النجاح في الطب  فاختار الدراسة الأدبية  التي تضمن مستقبله في تونس.

هؤلاء الفرنسيون المتشددون حتى في ميدان الأدب عندما يتعلق الأمر بالفرنسيين  لا يسلكون السلوك نفسه ازاء الشمال الأفريقيين في  ميدان "الأدب المقارن " الذي يشجعون على دراسته ويتساهلون  في منح الشمال أفريقيين الشهادات فيه لسببين اثنين  أولهما  أن المختصين فيه سوف  يعودون بالضرورة الى بلدانهم الأصلية المستقلة حديثا والتي تحتاج اليهم احتياجا ضروريا ولذلك لا ينشغل الفرنسيون بمستوى الشهادات التي يمنحونها .

وثانيهما أن الأدب المقارن ظهر في فرنسا في القرن 19 لمواكبة التمدد الاستعماري الذي اضافة الى العنف العسكري رافقه مجهود فكري سياسي هدفه النفاذ الى عقلية الشعوب المستعمرة وذهنيتها بما يقود الى السيطرة عليها ثقافيا .

اقرؤوا كتاب  بول  هازار  Paul  Hazard La  crise   -1715 de  la conscience  européenne 1680 وستفهون  جيدا ما أقصد.

 

هذا الكتاب يتضمن كل المشكلة التي نعيشها نحن اليوم بعد قرون من طرحها في في فرنسا وبقية البلدان الأوروبية الكاثوليكية  وهي تتناول عملية الانتقال من نظام  يقوم على السلطة والايمان بالعقيدة والوفاء للكنيسة والملك  الى نظام يقول بالعقل والشك والحرية الفردية ورفض المؤسسات والكنيسة  والحقائق التقليدية .

 

بول هازار كان مؤرخا عارفا بالأدب فمجاله لم ينحصر في فرنسا وحدها بل تعداه الى  كل الفضاء الكاثوليكي الغربي  وهذا هو معني كلمة " مقارن" والأديب المقارن عليه أن يكثر من الاختصاصات حتى يقترب من نظرة شاملة الى المسألة.

 

لو أن التونسيين  العائدين من فرنسا ممن يصفون  اختصاصهم  ب  "الأدب المقارن "  مثل المنجي الشملي فهموا  المعنى الصحيح منه  لحلت المسألة ولكن  الشملي  اكتفي  بادعاء  أن  اختصاصه هو الأدب المقارن وصدقه في ادعائه مريدوه اما عن جهل  أو زبونية .

 

لو كان الشملي قادرا فكريا  لاختار موضوعا لتدريسه الأدب الشمال الأفريقي المكتوب بالعربية على سبيل المثال مثلما  فعل بول هازار عندما تجاوز بلده فرنسا الى كل المجال الأوربي الغربي .

 

موضوع مثل هذا كان يمكن أن يكون نافعا وأساسا لدراسات تطوره بغض النظر عن سعة أفقها لأنه يتجاوز المحلية التونسية التي غرق فيها.  والمحلية ان كانت تصلح في الميدان السياسي فهي عشواء في ميدان الأدب وخاصة منه الأدب المقارن . ولنتذكر أن هذا الأدب ذو منشا فرنسي وكان وجها من وجه التغلغل السياسي الثقافي.

 

الأدب المقارن يوصي بدراسة أكثر من بلد اخلاصا لتسميته (المقارن) من دون أن ينفي التركيز على بلد واحد لأنه قد يوجد في البلد الواحد آداب متعددة لأسباب متعددة.

 

كيف استجاب الشملي لهذا المطلب ؟

 

عمد الى المغالطة فاقترح تدريس ميخائيل نعيمة في سيرته " سبعون " (3 أجزاء) تجاوزا منه للأدب التونسي وكل واحد من المثقفين المتوسطين يعرف أن لا شيء ذا بال يميز نعيمة عن عدد من الكتاب التونسيين

 

جزء من ساعة التدريس يخصصها الشملي للحديث عن ابنه وعندما  ضاق أحد الطلبة بهذا الحديث لأنه بذل جهدا للحاق بالدرس علق على حديث الشملي عن ابنه قائلا " لأنه حمار مثلك !"

 

 اقترب المساعد من المكان الذي أجلس فيه وقد سمع العبارة ولم ينبس بكلمة ولكنه لم ينسها طوال حياته . وأنا أؤكد  أنني لست   من نطق بهذه العبارة لأنني نتيجة تربيتي الأولى لا أستعمل كلمة حمار أو أي كلمة  جنسية وعندما يصل غيظي الى أقصى حد أنفس عنه بتمزيق الورقات المالية أو الكتب لأبذل  في ما بعد جهدا لالصاق  ما مزقت لأنني عاجز عن استعمال يدي لصفع أي كان.

وفي الاجتماعات الحادة أكتفي بمغادرة القاعة حفاظا على أعصابي لأنها ان توهجت تكلفني عدة أيام من الأرق .

 

نظام التدريس في تونس منقول حرفيا عن النظام التدريس في فرنسا حتى في الأدب المقارن لأن الأستاذ المدرس مطالب بتغيير موضوعه  بعد سنتين لأن الطلبة قد يرسبون في السنة الأولى ومن ناحية ثانية فهذا الاختيار كانت غايته دفع الأساتذة الى التجديد ومواصلة البحث حتى "لا يموتوا بحثيا"

 

في قسم العربية في الجامعة التونسية عمد كل الأساتذة الى " حيلة" مفيدة  على المستوى الشخصي ضارة على المستوى الحضاري : كان الواحد منهم يختار موضوعا للتدريس لأول مرة فيقبل ولكنه يكتفي في ما بعد بمجرد عملية توليد

للموضوع الأول بعناوين مختلفة وكأنهم يشبهون هذا الرجل الذي يلد أولادا يسجلهم بأسماء مختلفة  وهم من صلبه .

 

لم هذه الحيلة ؟

القصد منها تمكين المساعدين من عشر أو عشرين سنة من اتمام بحث ينالون به دكتورا الدولة  وما أدراك ما هي دكتورا الدولة في البلدان المتخلفة حضاريا : ان اضافة اسم الدكتورا وحده يبعث على الرهبة فمن هو "الجاهل" الذي سيشكك في قيمة هذه الشهادة التي ألغتها فرنسا وهي التي أنشأتها ؟

 

" سبعون" لميخائيل نعيمة التي بنى عليها منجي الشملي سمعته الأدبية في تونس وتكلف تلامذته الذين يشكون فقرا فكريا سياسيا قريبا من "فقر الدم" تعبر في نواتها الأصلية عن نظرة الى الأشياء أقل ما يقال فيها انها غير واقعية ولذلك

فسرت اقبال الطالبات والطلبة عليها باشتراك الجميع في  التشجيع على "النفاق" في كل شيء .

 

كيف ذلك ؟

 

لا واحدة أو واحدا من هؤلاء الطلبة لم يعرف بشكل أو بآخر تجربة عاطفية في هذه السن التي قرأ فيها "سبعون".

علاقاتهم الجنسية كانت مبنية على أساس طلب اللذة الطبيعية التي يتحكم فيها  هذا ال " filamenent  " الذي يقل حجمه عن حجم الشعرة والذي لايتمكن المكروسكوب  من تصويره.

ضغط هذا العنصر الكهربائي العصبي لا يمكن تلافيه لا بالاستمناء أو ب "الصلاة" لأنه ببساطة طبيعي لا يمكن التخلص منه الا بالشيخوخة الحادة أو ...الموت مما ينجر عن ذلك نسف كل ما ورد في "سبعون" لنعيمة  الذي يرد استجابته لرغبات النساء الجنسية الى "الشفقة " عليهن .

 

لو قال الشملي هذا  لزوجته لضحكت منه.

لو قال هذا لابنه الذي لا تمر حصة من حصصه ممن دون امتداحه صغيرا لضحك منه .  

لو قلت هذا القول لزوجتي لضحكت مني .

لو قلت هذا لمن عرفت من النساء لقلن " ان رأسك مضروب"

لو قلت هذا لمن قاوم  الاستعمار من بسطاء التونسيين لما فهموني لأن الاستعمار أراد أن ينكحهم فرفضوا نكاحه لأنهم فهموا أن استعمارهم لم يكن  بسبب حب "صوفي" .

لو قلت هذا للثوار الجزائريين لما فهموا سبب ثورتهم بغض النظر عن مآلها المختلف في تقييم نتائجه وقل ذلك على كل الثورات في العالم ومنها الثورة الفرنسية نفسها .

 

كل الحضارات الانسانية تقوم على هذا الأساس الابتدائي وبعد ذلك تتدخل الايديولوجيات فتنقسم  ، لأنها قوة دافعة  ، الى ايديولوديات تقول بفكرة التقدم وأخرى تقول بالسلفية.وأنا عندما كنت مهتما بدراسة حياة  النبي محمد لم أتوقف الا عند صورة هذا الرجل الواقعية التي تتلخص في حبه : النساء والعطر. وهذا أمر ذو ايحاء كبير بالنسبة الي.

 

المساعد الشملي أخطر فكريا سياسيا بألف مرة من المساعد رشاد الحمزاوي الذي تفطن التلاميذ ضحالة تكوينه لأنه كان معلما أصبح مدرسا جامعيا يملك قدرة فائقة على تمرير "رسالته" بتذويبها   في بحر من الخطابة  وبنشاط في مختلف وسائل النشر التونسية مثل الاذاعة والتلفزة والنشر.

 

لقد قرأت مقالا يؤبنه وصفه وصفا يقربه من المحتجين التونسيين في السنوات الأخيرة بمعنى أنه كان يرفض كل الجوائز التي تسند اليه وكأنه جان-بول سارتر التونسي في حين  انه كان مجرد خادم للنظام طيع الى أقصى الحدود وكل ترقياته كانت مملاة من نظام اجتهد في خدمته لأنه عجز عن الارتقاء العادي بمناقشة أطروحة دولة تمكن من المرور من رتبة أستاذ مساعد الى رتبة أستاذ تعليم عال بغض النظر عن مستوى المترشح لهذه الرتبة .

لقد اختار النظام التعليمي في تونس حل مشكلة هذا العدد الكبير من الأساتذة المساعدين الذين لم يتمكنوا من الترقية الى أستاذ تعليم عال ب"اللجوء" الى مانشروا في مختلف دور النشر ووسائل الاعلام لتمكينهم من الارتقاء .

 

أستاذ اسمه المسدي رفض هذا الأمر وبقي على رأيه ثم اختار الانصراف الى نشاطاته الفكرية الخاصة ولكن العدد الأكبر من الأساتذة رحبوا بالقرار خاصة في شعبة العربية .

 

أساتذة التاريخ لم يرفضوا القرار ولكنهم تشددوا في تقييم المترشحين مما  حد من عدد أساتذة التعليم العالي في شعبتهم بشكل أراه مشطا .

 

لقد تحدثت بشكل مطول عن المساعدين الحمزاوي والشملي على ضحالتهما المشتركة فهل وجد في الجامعة التونسية غيرهم من الأساتذة الأكفاء حقا ؟

نعم وجد أساتذة من صنف راق حقا عرفتهم سنة 1969 أذكر منهم توفيق بكار، هذا الرجل المترفع عن كل يمت الى "السفاسف بصلة" وخاصة هذا الرجل  الجندوبي الجزائري الأصل " الأصيل " محمد اليعلاوي  وخصمه الدشراوي . فقد أتيحت  لي فرصة حضور مشادة كلامية في كلية 9 أفريل كان الدشراوي فيها يصف محمد اليعلاوي ب "العلج" لضخامة جسمه  ولونه في حين أن الدشراوي كان نحيف الجسم حاد اللسان ولو لم يتمالك اليعلاوي نفسه لقبض على الدشراوي مثلما يقبض صياد على عصفور .

 

توفيق بكار ذو تربية متميزة وتكوين فكري سياسي ممتاز ونزعته التقدمية أكثر من واضحة فهو حتى عندما يتحدث الى طالبة لا تشعر من خلال كلامهما أنه يميز بين الرجل والمرأة ولقد كان شبيها بالمدرس الغريب في قسم العربية.

هذا المدرس لم أحصل على عدد في الترجمة معه على أكثر من 11 من عشرين اذ كانت الأعداد التي يسندها لا تتجاوز هذا الحد .

 

محمد اليعلاوي  درس الابتدائية في مدرسة في عين دراهم التي بنى فيها منزلا لم أره فيه عندما درست فيها سنتي 1975-1977.

هو رجل يمقت كل أشكال النفاق حتى في أسلوب الكلام مما سبب مخاصمة الدشراوي ذي الأسلوب المتكلف المتحذلق الذي كرهني في متابعة دروسه حول الحسبة التي تهمني لاهتمامي بكل ما يتصل بالاقتصاد : ساعات تدريس التعليم العالي في تونس كانت  تطابق في ما أذهب اليه ساعات أستاذ التعليم العالي في فرنسا  وهي 3 ساعات بالنسبة الى أستاذ تعليم عال في الأسبوع لأنه مكلف بالبحث المتواصل اضافة الى الاشراف على اتمام رسائل الطلبة مما يجعل من ساعة التدريس الواحدة عملا شاقا بكل المقاييس اذ لا ثرثرة ممكنة فيها .

 

الدشراوي عندنا ، وأنا أقدر أنه كان اذاك حامل رتبة أستاذ مساعد ، لا درس  تطبيق معه . يدخل القسم ويتحدث الى الطلبة وكأنه يلقي محاضرة يتكلم ويتكلم ويتكلم من دون أي ورقة في يده ويلجأ الى استطراد قد لا تكون له علاقة بما يدرس .وهكذا تنتهي ساعة الدرس وليس في ذهن الطلبة فكرة واضحة عن الموضوع .

حضرت ساعتين أو ثلاث في درسه ثم قررت أن أنساه هو و" حسبته" في الاسلام.

 

محمد اليعلاوي على العكس من الدشراوي تماما وكل طلبته يذكرون أنه يسمي الواحد منهم ب " يافلان " وهي صيغة احتفظ بها الى نهاية حياته.

 

كان أستاذا غادر في فرنسا الطب ليتفرغ لدراسة الأدب  فأنتج فيه الشيء الكثير.

 

كان يرفض كل أنواع الشعر الذي يسمى ب  " الشعر الحر  "  لأنه لا يلائم نظرته  الى الأشياء وهي نظرة في نواتها تقليدية أي تلائم تقليدية المجتمع الذي يعيش فيه لأنه بقي مجتمعا زراعيا أي غير مصنع أي لا علاقة له حقيقية ب"الشعر الحر" الذي لم يتجه اليه الشعراء الفرنسيون على سبيل المثال الا بدافع طبيعي سببه تفرقع المجتمعات  الغربية التقليدية بسبب الحرب الكبرى.

 

وعي الزمن الباطني عند محمد اليعلاوي هو ما مكنه من من الانتاج الكبير في ميدانه وهو سبب سمعته وتقديري له رغم اختلاف نظرتنا الى الأشياء.

 

كل أعدادي المتفوقة  في الترجمة سواء في مستوى الاجازة أو التبريز كان مسندها محمد اليعلاوي لقدرته البالغة فى النفاذ الى روح النص المترجم :

 

في التبريز حصلت على عدد 15 من عشرين  في الترجمة أزال أثره عدد 5 من عشرين  في الأدب الذي أسنده الي  جعفر ماجد مدرس " الصحافة في تونس"  الذي لم أقدر على متابعة درسين من دروسه.

 

محمد اليعلاوي كان أستاذا لا أحد يمكنه أن يتدخل في ما يسند من اعداد لرفعة  نظرته الأخلاقية .

 

محمد اليعلاوي تسلم العمادة في كلية 9 أفريل وحاول أن يضبط الطلبة قدر الامكان وكانت الكلية في فترة عمادته تعيش صراعا حادا بين مختلف الاتجاهات السياسية ولقد حاول ذات مرة أن " يعاقب " طالبة شيوعية نظيفة تماما على مستوى العلاقات العاطفية بين الطلبة والطالبات  تفكيرها السياسي يختلف عن تفكيره فاستدعاها الى مكتبه  وحاول "تأديبها " لنشاطها  السياسي الكثيف : حاول أن يقبض عليها  وهو الرجل الضخم وهي الطالبة النحيفة فاستحال عليه ذلك.

هذه الطالبة التي لن أذكر اسمها انتهى مسارها بالحصول على دكتورا دولة في التاريخ وعينها السبسي وزيرة للثقافة  لتكوينها الصلب وصفاتها الأخلاقية وأنا لم   أرها تذكر محمد اليعلاوي الا بخير رغم ما يميزها عنه فكريا سياسيا .

 هذه هي الأخلاق الرفيعة في اعتقادي .

 

محمد اليعلاوي وقع في مشادة بينه وأحد المواطنين في احدى الحافلات لأنه رافق أمه المسنة بلباسها العادي فسخر منها أحدهم فكان  رد محمد اليعلاوي في الحال.

محمد اليعلاوي كلف زمنا  قصيرا  بوزارة الثقافة وأنا شخصيا أعرف عددا ممن كانوا مشرفين عليها  في الميدان فسارع الى الاستقالة منها لأنه عجز عن الاندغام  في محيطها في زمن لن تعرف فيه تونس وزراء كثيرين يجرؤون على تقديم استقالاتهم .

 

آخر مرة رأيت فيها محمد اليعلاوي كانت منذ أكثر من عقدين وفي عيادة طبيب الأسنان المزغني في ساحة برشلونة  في العاصمة.

كنت انتظر دوري في قاعة الاستقبال عندما دخل محمد اليعلاوي .وعندما رآني قال مازحا على طريقته : سبقتني  حتى هنا  يافلان  !

تنازلت له عن دوري طبعا ولم أره بعد ذلك .

 

هذا الرجل نفذت الى نفسيته بسبب ميلي الى تفضيل الريف على المدينة رغم تخلفه لأنه كان رجلا ريفيا في العمق والعمق هو الذي حببني في محمد بن عبد الكريم الخطابي ودفعني الى تعريب " ادريس . رواية شمال أفريقية " لعلي الحمامي . ولو كنت على يقين من امكان تلبية رغبتي عندما أموت لأوصيت بدفني في جبل من جبال تونس الشمال غربية التي تكثر فيها  الأمطار والرياح فتسويني بالأرض والتراب .

 

أنا بهذا الكلام أنهي ما سبق من شذرات في حياتي وأنتقل الى الشذرة الأخيرة  التي تتعلق بحياتي في القصرين (ولا أقول كاسرين مثلما كان يسميها رهط من المتعلمين).

 

شذرة حياتي في القصرين سنتي 1973 -1975

 

علي بادئ ذي بدء أن ألاحظ أمرين لا يمكن من دونهما تقييم هذه الشذرة :

 

الأمر الأول  هو أن أعمارنا في سنة 1973 تدور حول ال 25 سنة أي أننا  أساتذة مبتدئون  ما زالت رابطتنا بالمناخ الطالبي قوية في مختلف المستويات بما فيها هذا "الصخب والعنف " والتسيب العاطفي فعلى من يقرأ  هذه الشذرة ألا يقرأها  بمنطق  من جاوز هذه السن  وترصن اما قليلا أو كثيرا لأن أشد ما يمقته صاحب هذه الشذرات هو "النفاق" أي اظهار علامات التقوى في انسان غير نظيف خاصة في مسألة العلاقات الجنسية التي تمثل "دملا" حقيقيا عند الصغار والكبار على حد سواء في فضائنا.

أقول هذا بديلا عن طرح السؤال التالي :

كيف يمكن لأستاذ في الخامسة والعشرين من عمره عين في ولاية هي الخلاء المجسم في كل شيء أن لا يبحث له  عن متنفس في السكر والجنس ؟

ها قد طرحت السؤال وأعود الى السطر .

 

 الأمر  الثاني  هو أن " قصرين " بداية سبعينات القرن العشرين التي أتحدث عنها في هذه الشذرة تختلف صورتها عن صورتها البارحة القريبة وعن صورتها بداية من ثمانينات القرن وخصوصا  منذ تولي الهادي  نويرة رئاسة  الحكومة وفرض سياسته الاقتصادية الموغلة في الرأسمالية المتوحشة في ردة فعل منه ومن بورقيبة على تجربة التعاضد البنصالحية مما دفع  Le Canard enchainé الى كتابة مقال  حرف فيه  اسم نويرة  فأصبح تقريبا Hédi nuira à la Tunisie ،  والتي لم أعد اليها  منذ مغادرتها  سنة  1975وتعييني مدرس تعليم ثانوي في في معهد عين دراهم الوحيد في كل المنطقة المحيطة .

 

" قصرين "ذاك الزمن  كانت تعيش عزلة و تهميشا على كل المستويات والمثال الصارخ على ذلك أن السبعة مدرسين الحاصلين على الأستاذية في العربية والفلسفة والتاريخ كنا نحن فقط وهذا عدد من أسمائهم :

في العربية محمد الناصر النفزاوي والهادي الغضباني  والحبيب الحدادي و(أحمد ؟) مشارك

في التاريخ  محمد الراشدي

في الفلسفة  الهادي الجوادي  و ( ؟ )بن عايشة .أما ما عدا من ذكرت  فكانوا من صنف أقل رتبة.

 

وما ينطبق على العربية الفلسفة والتاريخ ينطبق على الفرنسية التي كان فيها بادي بن ناصر من درجة أقل .

 

عامة القصرينيين في تلك الفترة لم تلمسها لا فكرة التقدم ولا السلفية : كانوا "عذارى"  فكريا سياسيا بأتم معنى الكلمة ، منسجمين مع تقاليد موروثة فلاحية الذهنية لم يتغير منها شيء

أما الوعي السياسي فكان مفقودا تماما وكذلك كل مظاهر التفاعل مع ما يجد في البلاد من أحداث .وهم في هذا الأمر شبيهون بكل مواطني المناطق التونسية المحرومة سواء في محيط القصرين أو ما هو أبعد منه مثل نفزاوة في الجنوب أو الشمال الغربي التونسي وذلك الى سنة  َ1974 بالضبط بمناسبة اعلان بورقيبة والقذافي الوحدة بين تونس وليبيا اذ خرج المواطنون بقيادة التلاميذ للتظاهر تأييدا  لهذه الوحدة  .

 

سلوك أغلبنا في القصرين اختلف تماما عن سلوك عامة الأساتذة في كثير من بقية ولايات الجمهورية لأن من عين من الأساتذة في القصرين تستحيل مقارنته بزميله أو زميلته اللذين عينا للتدريس في معهد قرطاج الرئاسة المحاذي للقصر الرئاسي والذي يسمع كل صباح موسيقى النشيد الوطني .

 

هذا الواقع هو الذي دفعنا نحن التنسيببين  الى القول ان  "التعميم هو لغة الحمقى " بمعنى أنك قد ترى واقعا مخصوصا فتعمد الى تعميمه  وهذا خطأ.

 

كان سلوك الغالبية منا ممن هم في سننا وغير متزوجين شبيها بسلوك شباب مسكون بالصخب والتمرد على كل شيء  ونحن لم نر عند عامة الناس ضيقا بهذا السلوك الشبيه بسلوكهم على عكس السلطة الأمنية التي كانت تترصد من ترى أنه من المتمردين منا  مثل النقابيين فتزج به في "سجن" متداع قبل أن تعرضه على القاضي المرحوم صميدة فيطلق سراحه بعد نقاش سياسي حول ما يحدث في البلاد.

 

لم يكن كل الأساتذة في  مجموعتنا موحدي التوجه والسلوك  فأستاذ الفلسفة الهادي الجوادي كان لا يسكر أو يدخن : كان شاغله الأول والأخير هوالجنس  وهو في هذا الميدان "مبرز".

 

صاحبنا أستاذ العربية الهادي الغضباني النقابي المعروف وطنيا كان مثالا للصاخب العنيف يسكر ويضج ويمكن أن يكسر ما بين يديه فهو شابهني الا في حالة التكسير.

 

زميلنا بادي بن ناصر هو فنان الجماعة متقن للطبخ على الطريقة الفرنسية لا يربط أي علاقة جنسية في هذا الوسط ولكنه يستقبل أحيانا شابات فرنسيات تلائمن ذوقه وهو في هذا

الأمر نقيضي تماما .

 

عندما تضيق بي الحال جنسيا ألجأ الى ماخور بعيد شيئا ما عن عاصمة الولاية فأقضي ليلة كاملة مع من أختار في هدوء ودعة .

 

القصرينيون مثلما عرفتهم  آنذاك لم تكن تشغلهم المسائل الجنسية  والدينية مثلما هو الأمر في المناطق التي خرجت "مؤدبين" مثل منطقة نفزاوة  وحتى في العاصمة تونس :

لا أحد منهم يهتم بمن يشرب مسكرا حتى في الأعياد الدينية شأنه في ذلك شأن كل التونسيين قبل  بداية "نهضة" التيار الديني بمساعدة محمد الصياح أولا ومحمد مزالي ثانيا اللذين اجتهدا في قطع الطريق على اليساريين التونسيين  . ولقد رأيت بأم عيني قبلهما حانات يستهلك فيها التونسيون البيرة والباستيس  منذ الصباح في شهر رمضان ولكنني عندما ذكرت هذا الأمر أمام  بعض  الناس كذبني تكذيبا قاطعا  فهل أكذب نفسي لأرضي هؤلاء الجهلة بتاريخ البلاد  الحقيقي ؟

 

سنة 1975 أقرت نقابة التعليم الثانوي أول اضراب في

الوظيفة العمومية في تونس فنفذناه نحن السبعة في ما يخصنا في ولاية القصرين  وتسلمنا بعده توبيخا من الحبيب عاشور ونقل عقاب من وزير التربية ادريس قيقة الى  ولايات مختلفة في الجمهورية . ولقد كان نصيبي نقلة عقاب الى عين دراهم  أي الى معتمدية أكثر تهميشا من المنطقة التي كنت أدرس فيها.