الطريق الجديد - 18 ديسمبر 1987
قراءات في سطور المدينة ، محمد الناصر النفزاوي

الـــــدّيـــن لـــلـــّـــه   والـــــوطــــن  للجمــــيع

أعتقد أنّه لا يوجد سياسيّا أخطر من الذّهنيّة التي تكرّس مفهوم ـ لا سيّد في قومه ـ فتعمد الى نبش ماضي هذا النّبت السياسي أو ذاك
انّنا ، نحن التونسيين ، نعرف بعضنا البعض أكثر من اللازم
لذلك وجب الامتناع عن الكذب ولو للحظة قراءة هذه السطور
ما الذي نعنيه بهذا الكلام ؟

أعني أنّه يجب علينا أن نختار بين أمرين لا ثالث لهما:

امّا أن نختار الأسطورة والمسؤول النبيّ وامّا أن نختار الواقع والمسؤول الذي قد نكون عرفناه عاديّا فنقبل بذلك ونساعده ، عندما يستأهل ذلك ، على أن يتجاوز ذاته
وفي ذلك دفع لكلّ نبتة الى النموّ والتعزّز ككل نبتة
فلا أحد بماضيه فقط
يكذب أو يتكاذب من يدّعي ذلك
انّ الانسان مهما كانت وظيفته انّما هو مشروع
وهو فعل ينمّى أو يحبط أو ..يحرّف
يحبط عندما يخسر الجميع
يحرّف عندما تخبو فيه جذوة التجاوز التي انقدحت لارادة ذاتيّة أو لضغط ما فيرتاح لمن جرّب مناصرتهم للشيء وضدّه ويكتفي بتعويض زيد الذي أحرقته شمس المزايدة اللاأخلاقية بعمر الذي كان في الظلّ ولكنّه لم  يصدر عنه في حياته ما يدلّ على أنّه خارج عن مذهب بني..وي وي
وينمّى عندما يتمثّل بحقّ ما سبق أن ذكرنا فيسعى الى استئصال الأدواء التي أوصلت البلاد الى ماهي عليه من هشاشة
ولا يكون ذلك الا بمسح شامل لطاقات البلاد مهما كانت انتماءاتها وتوظيف هذه الطاقات في المواضع الشريانيّة الحسّاسة فتساعد على تجاوز الانسداد الذي لحق قنوات الحياة الاجتماعيّة بفعل وضع قديم كرّس
مفهوم القرابة والولاء والمصالح الماديّة في كلّ ادارات  البلاد سواء أكانت تابعة لديوان الصيد البحري أو المؤسّسات التعليميّة الخ
لقد حان الوقت  في نظرنا ـ ولوأدّى الأمر الى اقرار طريقة الانتخاب أو صيغة يقع العمل على بلورتها من طرف مختصّين غير منحازين ـ كي نفتح ملفّات الكثيرين ممّن يعرف أهل الاختصاص الكيفيّة التي وصلوا بها الى ما وصلوا اليه فنكرّس  بذلك  مفهوم ـ لا رئاسة مدى الحياة ـ ونكرّس هذا المفهوم كذلك في ما يتّصل بمختلف مستويات الهرم الاداري
بذلك فقط يمكن للانسان في نظرنا أن يلمس ، على مستوى التطبيق ، ما وعد به البيان الميثاق من أنّ  ـ الدين لله والوطن للجميع.