قراءات في سطور المدينة التونسية الليبية

بقلم محمد الناصر النفزاوي

في التكامل التونسي الليبي وما بعده

 بقدر ما سرّتني الأخبار المتصلة بخطط التكامل التونسي الليبي في مختلف الوجوه والتي ليس يمكن ردّها الى غير الثورتين التونسية والليبية من ناحية والى ما لا أتردّد في وصفه برصانة الرجلين مصطفى عبد الجليل والباجي قائد السبسى وبعد نظرهما ما زال الموقع يطمع (من الطمع هذه المرة)  في الأمد غير البعيد في أن يرى هذه النسمة المغربية المحيية تهّب على الجزائريين والمراكشيين اذ أن شعبي المملكة والجزائر ليسا في المسألة المغربية على دين نظاميهما وإنما يتعلق الأمر  بمراكز قوى أزعجتها الثورتان لأنها لا تريد لبلاد المغرب أن تلتقي مصالح شعوبها أفقيا قبل أن تفكر في عقد التحالفات العمودية مع حوض المتوسط الشمالي.

 أما بعد فإنني أرغب في إبداء عدد من الملاحظات التي ليس يمكن من دونها أن نضمن الحفاظ على هذا التكامل ونوسعه ومنها:

 أولا : إن الشعب الليبي في عمومه مالكي سني معرّب محافظ (وحتى شبابه كذلك عندما يكون في موطنه أي عندما لا يكون في حالة سفر شأنه في ذلك شأن  كثير من شباب بلاد المغرب)فلا يجب على المرء أن يولي بعض مظاهر الصلاّبية الوهابية التي ظهرت عند فئة قليلة منه في الفترة الأخيرة أهمية لأننا عندما  نقترب من جبل نفوسة نلحظ ، إضافة الى ما ذكرنا تعلقا يكبر أو يصغر بالأمازيغية. ولقد أثبت القوم صلابة عودهم أثناء الثورة.

ثانيا : ينفر عامة الليبيين ،مثل كل بشر سويّ، من كثرة " المنّ" ولذلك قد يفاجئ الليبي الجديد التونسي الجديد بالقول " نعم  لقد أعنتمونا ولكن كم تطلبون من ثمن"؟ يقول هذا للتونسي والقطري على حدّ سواء.

وأنا شخصيا أنظر بنوع من "الأبوية المبتسمة" الى مثل هذا " التناطح" لسبب بسيط هو أن المتناطحين ليسا من "شيوخ القوم" الذين  ما زال أبناؤهم يتذكرون هجرة آبائهم الى تونس  زمن الغزو الايطالي حاملين معهم  الشاي الليبي ، وما أدراك بالشاي الليبي! الذي لم يعرفه التونسيون من قبل صحبة أبنائهم الذي تتونسوا وأصبحوا يسمون بـ"النالوتي  والورفلي والزاوي الخ الخ"

ولكن .هل يصح الاستغراب عندما نرى سلوكا مماثلا عند قادة  الجزائر منذ 1962 لا منذ 1912 وهم يبذلون كل الجهود لمحو فترة اللجوء الى تونس رغم أنف ذكريات الجزائريين أنفسهم ؟
ثالثا : ليبيو ما بعد الثورة الأكثر عقلانية لا يقولون بالاندماج سيء الذكر اذ شعارهم  "ليبيا أولا" .وهم نتيجة لذلك يشترطون في من يقدم عليهم ألا يدخل ضمن " كل من هبّ ودبّ". والموقع الذي  أشرف عليه ينحو هذا النحو في التفكير بل هو يقول من دون شعبوية  ثبت ضررها إن على الساسة في البلدين ،تونس وليبيا، أن ينظروا الى المستقبل البعيد. أقصد أن على كل بلد مغربي أن  يتخيّر بصرامة أفضل ما أنتج من كفاءات  يرسله الى ليبيا وبلاد المغرب كلها وهي بلاد تعاني من نزيف في الأكفاء كلف تكوينهم المليارت من الدولارات ثم وقع التفريط فيهم . والليبيون أنفسهم  خبروا ما أقول .

إن بلاد المغرب لا تحتاج الى من يفسد عليها مستقبلها بعد الآن.

بلاد المغرب في حاجة الى ضيوف لا  الى منحرفين.
سيقول عدد ممن أعرف:

" هاهو يبدأ بامتداح مصطفي عبد الجليل والباجي قائد السبسي وينتهي بنظرية مالتوسية تعادي "المعذبين في الأرض"

أما أنا فأرد بما يلي:

"لا يوجد في تونس اليوم ، أقصد تونس التي أعرفها، من هو أقدر من "الشيخ الباجي" على رئاسة حكومة فيها ولا يوجد في ليبيا التي أعرفها من هو أقدر من الشيخ عبد الجليل على  رئاستها."

أقصد بعبارة واحدة أنني لست ممن  يشجّع على "تعلّم الحجامة  في رؤوس اليتامى"

 إني سأصمت الآن فلقد أكثرت من الكلام.

 سأصمت خاصة لقرب تجربة التونسيين الانتخابية يوم 23 أكتوبر مع الأمل الذي سبق أن ذكرت وهو أن أرى بلاد المغرب من ليبيا الى موريتانيا تعوّل على شبابها النابض بالحياة . فلقد عاود الأمل صاحب الموقع رغم أنه أمل منقوص.