الطريق الجـــديد،  19 أكتوبر 1988
قراءات في سطور المدينة، محمد الناصر النفزاوي

فـــي العقـــدة الــرّياضيّــــة العـــــربـــيّــــة

يبدو أنّ في الرياضة " تقسيم هواية " شبيه ب" تقسيم العمل " في الاقتصاد.

واذا كانت البلدان المتقدّمة هي البلدان المصنّعة فانّ بلدان العالم  الثالث كثيرا ما يحدّد انتماؤها انطلاقا من نسبة عدد العاملين فيها في  قطاع الفلاحة من دون أن يعني ذلك نقصا فلاحيّا في البلدان  المصنّعة أو اكتفاءا غذائيّا في البلدان " الزراعيّة "

أمّا على مستوى  الرياضة فـ" تقسيم الهواية " هو على النحو التالي :

 هوايات " نبيلة " و  " مكلّفة " كالشطرنج وكرة المضرب والمبارزة بالسيف والرقص الفنّي وحتّى السباحة وتبرز فيها خاصّة الدول المتقدّمة سواء أكانت اشتراكيّة أو رأسماليّة.

ـ وهوايات " شعبيّة " ككرة القدم والملاكمة وحتّى السباق وتبرز فيها خاصّة البلدان الأقلّ تقدّما وثراء مع بعض الاستثناءات في هذه الرياضة أوتلك في هذا البلد أو ذاك.

ومن يعتمد  الملاكمة مثالا فسيلاحظ ازدهار هذه الرياضة في بلدان الفقرأو في الطبقات السفلى في المجتمعات الرأسمالية في حين لا يكاد يبرز في البلدان الاشتراكيّة ملاكمون مشهورون…

وكذلك هو شأن السباق خاصة في المسافات الطويلة حيث تبرز بعض البلدان الأقلّ تطوّرا في هذه المناسبة أو تلك.

والسؤال الذي يطرح نفسه هو التّالي :

ـ اذا كنّا لا نستغرب تخلّف البلدان العربية جميعها في الرياضات " المكلّفة " فلا نطلب راقصات فنّيات على الجليد أو " الرّمال "  فنحن نستغرب من تخلّف العرب حتّى في رياضات " العنف "  وهم الذين لا يخلو بلد من بلدانهم من ممارسة الملاكمة في كلّ مكان سواء في الثقافة أو الأمن أو في حياة الشارع اليوميّة .

والغريب أنّه عندما يحرز هذا العدّاء العربي أو تلك العدّاءة العربيّة على ميداليّة في هذه الألعاب أو تلك يقع تضخيم الخبر فيصبح حدثا مصيريّا في حين كان يجب التساؤل عن الأسباب التي  تجعل القدرات العربيّة الرياضيّة بهذه المحدوديّة المخجلة.

انّ القضيّة ن في نظري ، قضيّة معقّدة تجب دراستها لأنّها تخفي من ناحية خللا كبيرا في السياسة الرياضيّة وشعورا بالنقص ليس له مبرّر معقول من ناحية ثانية خاصّة اذا تعلّق الأمر بما سمّيناه رياضات " الهروب " و " العنف "  وهي رياضات كان يجب أن نحرز فيها على أعلى المراتب .